للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما دعا الشرّاح إلى أخذ الحيطة والحذر في الموضوع: أن الاستدلال بطريق مفهوم المخالفة كثير الخطورة، لأن حكم المنطوق قد يكون واردًا على سبيل التمثيل أو بيان الأغلب، أو إشارة إلى حكمة خاصة لا يدل المفهوم المخالف على عكسها، فلا يصح العمل به.

مثال ذلك:

المادة / ٤٢١/ من القانون المدني المصري التي تنص على "أن البيع بشرط التجربة يعتبر معلقًا على شرط واقف هو قبول المبيع".

فلا يصح أن يستدل بهذه المادة من طريق المفهوم المخالف: أن البيع على أي شرط آخر كشرط المذاق مثلًا، أو شرط الرؤية، يكون بيعًا باتًا ولا يعتبر معلّقًا على شرط واقف.

ومثل ذلك أيضًا: المادة / ٢٢٩/ مدني قديم التي كانت تنص على وسائل إثبات التاريخ. فقد كانت تدل بمفهومها المخالف على أن ما عدا الوسائل المنصوص عليها فيها لا يثبت به التاريخ بوجه رسمي.

ولكن محكمة النقض رفضت الأخذ بهذا المفهوم المخالف وقررت أن هذه الوسائل ليست واردة بالمادة على سبيل الحصر، وأن ثبوت التاريخ يمكن أن يتحقق بغيرها من الوسائل كما إذا قدمت ورقة في قضية تناولتها المرافعة في الجلسة التي نظرت فيها تلك القضية (١).

هذا: وقد رأينا عند بحث مفهوم المخالفة في أصول الفقه كيف أن الآخذين به - وهم الجمهور - قد أحاطوه بإطار من الشروط التي تضمن في العمل به سلامة الطريق في استنباط الأحكام من النصوص.

وإذن: فاعتبار مفهوم المخالفة طريقًا يدل على الحكم، ليس أمرًا متروكًا على إطلاقه، وإنما هو أمر محوط بالكثير من الحيطة والاحتراس، سواء أكان ذلك في الشريعة أم كان في القانون، وبذلك يؤدي غرضه في الاستنباط على الوجه الأكمل.


(١) راجع: "المدخل" للدكتور مرقس (١/ ٢١٠)، "المدخل" للأستاذ الدكتور البدراوي (ص ٢٢٢)، "أصول القانون" للسنهوري وأبو ستيت (ص ٢٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>