للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا الكتاب الكريم بأمور الشريعة وأحكامها في قواعد كلية عامة على الأكثر، فكان لا بد من أن يكون بيانها بالسنة، ومضى عصر النبي ، والصحابةُ يدركون مفهوم العام من لغة التنزيل في ضوء معهودهم من دلالة الخطاب، وبيانِ النبي . ولكن انقراض عصر الصحابة قبل كمال تدوين السنة التي تولت البيان، - وكان ذلك من مناقب عمر بن عبد العزيز - جعل الأفهام تختلف في فهم بعض عمومات الكتاب وكلياته. والقرآن الكريم حمَّال للمعاني كما هو معلوم.

ولما كان الكتاب والسنة هما الأصلان الأساسيان للشريعة، والسنة مبينة للكتاب، كان لا بد عند تدوين قواعد تفسير النصوص من وضع ضوابط للعام وما يتعلق به، كيما يتسنى معرفة ما يشمله العام في النص من الأحكام أولًا، ثم الأبعاد التي في حدودها يمكن الخروج فقهيًا من العهدة ثانيًا.

وهكذا كانت مباحث العموم جليلة الخطر عظيمة الأثر، لما يترتب على المعرفة بها والإحاطة بوجوها من الصلة بجانب عظيم من جوانب الاستنباط، وما ينشأ عن ذلك من إدراك لمدى ارتباط الأحكام بأصولها الكبرى، وضوابطها التي كان عليها البناء.

وسندرس في القادم من أبحاثنا "العام" في ماهيته، وألفاظه، ومذاهب العلماء فيما وضعت له تلك الألفاظ، ثم تخصيص العام، ونوع دلالة العام على الحكم من حيث القطعية والظنية، وما يتعلق بهذه الأمور كلها غير ناسين أن نقف عند العديد من الآثار الفقهية التي ترتبت على اختلاف مذاهب العلماء وتنوع نظراتهم في هذه الزمرة من قواعد التفسير.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>