(٢) والعلماء بعد تعريفهم للنسخ بأنه رفع حكم شرعي بدليل شرعي متأخر ذكروا عددًا من الوجوه التي بها يفترق النسخ من التخصيص. منها: أن التخصيص لا يكون إلا لبعض الأفراد، والنسخ يكون لها كلها. ومنها: أن النسخ يتطرق إلى كل حكم سواء أكان ثابتًا في حق شخص واحد أم في حق أشخاص كثيرة، والتخصيص لا يتطرق إلا إلى الأول. ومنها: أنه يجوز تأخير النسخ عن وقت العمل بالمنسوخ ولا يجوز تأخير التخصيص من وقت العمل بالمخصوص. ومنها: أن النسخ رفع الحكم بعد ثبوته بخلاف التخصيص، فإنه بيان المراد باللفظ العام. ومنها: أن التخصيص بيان ما أريد بالعموم. والنسخ بيان ما لم يرد بالمنسوخ. ومنها: أن النسخ لا يكون إلا بقول وخطاب، والتخصيص قد يكون بأدلة العقل والقرائن وسائر أدلة السمع. ومنها: أن التخصيص يجوز أن يكون بالإجماع، والنسخ لا يجوز أن يكون به. ومنها: أن التخصيص لا يدخل في غير العام، أما النسخ فإنه يرفع حكم العام والخاص، وعند الحنفية: لا بد من اقتران المخصص بالعام والاتصال به. بينما يكون الناسخ متأخرًا بمن العام، ومتراخيًا عنه، ليكون رافعًا للحكم عن بعض الأفراد بعد ثبوته لها. انظر: "إرشاد الفحول" للشوكاني (ص ١٤٢ - ١٤٣)، المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل (ص ١١٣)، "أصول الفقه" للأستاذ الشيخ زكريا البرديسي (ص ٤٢٨ - ٤٢٩).