للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يذبح على اسم الله سمّى أو لم يسم" (١)، وفي رواية: "ذبيحة المسلم حلال ذكر اسم الله عليها أو لم يذكره" (٢).

فذهب الحنفية إلى تحريم الأكل من الحيوان الذي لم يذكر اسم الله عليه عند ذبحه عمدًا، تمسكًا بعموم الآية: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا … ﴾ ولم يخصصوا هذا العموم بالحديث المذكور؛ لأنه خبر آحاد وهو ظني، فلا يخصص عموم نص الآية ابتداء، الذي هو قطعي الدلالة إلى جانب كونه قطعي الثبوت (٣).

قاله صاحب "العناية": (وقوله: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ﴾ [الأنعام: ١٢١] عام مؤكد بمن التي تفيد التأكيد، وتأكيد العام ينفي احتمال الخصوص فهو غير محتمل للتخصيص) (٤).

وهكذا يكون من مقتضي العموم عند الحنفية، وعدم تخصيص الآية بالحديث: حرمةُ الأكل من الذبيحة التي لم يذكر اسم الله عليها، سواء أكان ذلك عمدًا أم نسيانًا.

غير أنهم أجازوا الأكل من الذبيحة إذا تركت التسمية عليها نسيانًا، لأنهم اعتبروا الناسي ذاكرًا حكمًا، فهر ليس بتارك ذكر اسم الله تعالى؛ لأن الشارع - كما يرون - أقام الملة في هذه الحال مقام الذكر، مراعاة لعذر كان من جهة المكلف وهو النسيان، وذلك لدفع الحرج، كما أقام


(١) الحديث بهذا اللفظ ذكره صاحب "الهداية" وقال عنه الزيلعي في "نصب الراية": (غريب بهذا اللفظ) ثم ذكر أحاديث بمعناه، منها ما أخرجه الدارقطني عن ابن عباس أن النبي قال: "المسلم يكفيه اسمه، فإن نسي أن يسمي حين يذبح فليسم. وليذكر اسم الله، ثم ليأكل" "نصب الراية" (٤/ ١٨٢). وانظر: "سنن الدارقطني" ٥/ ٣٥ (٤٨٠٨) وكلام صاحب "التعليق المغني" حول هذا الحديث.
(٢) الحديث من مراسيل أبي داود من رواية ثور بن يزيد عن الصلت. "نصب الراية" (٤/ ١٨٢).
(٣) راجع: "أصول البزدوي" مع "كشف الأسرار" لعبد العزيز البخاري (١/ ٢٩٥ - ٢٩٦).
(٤) راجع: "الهداية" مع "العناية" (٨/ ٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>