للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السماء والعيون، أو كان عثريًا العشر، وفيما سُقيَ بالنضح نصف العشر" (١).

كما ورد في ذلك أيضًا عن أبي سعيد الخدري أنه قال: قال رسول الله : "ليس فيما دون خمسة أوسق من تمر ولا حب صدقة" (٢).

فالنص الأول عام، يدل على وجوب الزكاة في القليل والكثير مما يخرج من الأرض، دون تحديد نصاب معين لزرع أو ثمر، ومقتضى ذلك: وجوب العشر في كل ما تأتي به الأرض قلَّ أو كثر.

والنص الثاني خاص، يدل على عدم وجوب الزكاة فيما دون خمسة أوسق؛ فهو لا يشمل ما دون ذلك من الزرع والثمار.

ومقتضى هذا: أن العشر لا يجب إلا إذا بلغ ما تعطيه الأرض نصابًا مقداره خمسة أوسق، فما فوق (٣).

وهكذا يقع الاختلاف بين الحديثين فيما دون الخمسة أوسق؛ فالعام يثبته والخاص ينفيه.

وذهب أبو حنيفة إلى عدم اشتراط نصاب معين لوجوب الزكاة فيما يخرج من الأرض، ذلك لأن العام والخاص قد تعارضا فيما دون الخمسة أوسق ولم يعلم الراجح منهما، ولكن يرجع الحديث الأولى لأنه أشهر من الثاني.

ثم إن في وجوب الزكاة في كل ما يخرج من الأرض: احتياطًا لتبرئة الذمة، والخروج من العهدة.

وذلك بالإضافة إلى أن في ذلك مصلحة لذوي الحاجة والمستحقين،


(١) الحديث رواه رجال الصحيح إلا مسلمًا. والنضح: الساقية، ويقال البعير الذي يستقى به الماء من البئر: الناضح. وانظر: (٢/ ٧٠) مما سلف.
(٢) رواه أحمد (١١٨٣٥) والأئمة الستة: البخاري (١٤٠٥) ومسلم (٩٧٩) وأبو داود (١٥٥٨) والترمذي (٦٢٦) وابن ماجه (١٧٩٣) والنسائي (٢٤٤٥). وانظر: "نيل الأوطار" (٤/ ٩٤٩) فما بعدها.
(٣) راجع: "الأم" الشافعي (٢/ ٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>