للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمتكلمين، ولم نر فيمن نقلنا عنهم نسبةَ المذاهب إلى أصحابها: من نَسب هذا المذهب إلى الشافعي بالذات.

غير أن أبا المناقب الزنجاني أحد أئمة الشافعية في القرن السابع الهجري، تفرد بذلك في كتابه "تخريج الفروع على الأصول" حيث قرر بكل وضوح: أن الأمر المطلق عند الشافعي يقتضي التكرار (١).

وقد وضع في مقابل ذلك مذهب عدم التكرار الذي ذهب إليه الحنفية - كما يقول - ثم احتج لكل من المذهبين، وعلى طريقته لم ينتصر لأحدهما على الآخر (٢) وبنى على ذلك عددًا من الفروع.

ولتفرده فيما جنح إليه من نسبة المذهب إلى الشافعي بالذات، نرى من الأفضل أن نثبت نص كلامه. قال (ذهب الشافعي إلى أن مطلق الأمر يقتضي التكرار، وإليه ذهب طائفة من العلماء) ....

واحتج في ذلك بأن قول القائل: "افعل"، أمر بإيجاد جنس الفعل، فإنه لو صرح بذلك وقال: "أوجد الضرب" كان ذلك صحيحًا، واسم الجنس يقتضي الاستغراق، وهذا المعنى لا يُثنى ولا يجمع، فيتناول أعدادًا من الفعل لا نهاية لها؛ فإن الجنس متناول للوجود الكائن، والذي يكاد أن سيكون إلى قيام الساعة.

فلا جرم نقول: يجب عليه إثبات ما قدر عليه، فإن عجز مسقط، لا لأنه من مقتضى الصبغة بل لعجزه.

ثم قال: وذهب الحنفية إلى أنه لا يقتضي التكرار.


(١) راجع: "تخريج الفروع على الأصول" للزنجاني بتحقيق المؤلف (ص ٢٢ - ٢٤).
(٢) لم يكن هم الزنجاني في كتابه نصر مذهب على مذهب وإنما كان همه بيان المنهج الذي انتظم بناء الفروع على الأصول عند الحنفية والشافعية، ومع أنه شافعي المذهب تراه في عرضه الأصل المختلف عليه، والأحكام التي تفرعت عنه على غاية من التجرد. وانظر إيضاحنا لهذه النقطة في مقدمتنا لتحقيق الكتاب "تخريج الفروع على الأصول": (ص ٢٠) فما بعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>