للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإيمان لا يقبل الزيادة والنقصان، بل هو شيء واحد، يستوي فيه جميع المؤمنين من الملائكة، والنبيين، والمقربين، والمقتصدين، والظالمين.

ثم قال فقهاء المرجئة: هو التصديق بالقلب، واللسان.

وقال أكثر متكلميهم: هو التصديق بالقلب.

وقال بعضهم: التصديق باللسان. قالوا: لأنه لو دخلت فيه الواجبات العملية؛ لخرج منه من لم يأت بها، كما قالت الخوارج" (١).فمرجئة الفقهاء يرون أنه يكفي الالتزام بالطاعات دون فعلها، ويجعلون الإيمان هو التصديق والالتزام معا، وعندهم أن من قال: أنا أطيع الرسول صلى الله عليه وسلم ولا أصدق أنه رسول الله أو أصدقه ولا ألتزم طاعته، فإنه لا يكون مسلماً ولا مؤمناً (٢).

يقول الحميدي: "وأخبرت أن ناسا يقولون: من أقر بالصلاة والزكاة والصوم والحج، ولم يفعل من ذلك شيئا حتى يموت، أو يصلي مستدبر القبلة حتى يموت، فهو مؤمن، ما لم يكن جاحدا، إذا علم أن تركه ذلك فيه إيمانه، إذا كان مقرا بالفرائض واستقبال القبلة.

فقلت: هذا الكفر الصراح، وخلاف كتاب الله، وسنة رسوله، وعلماء المسلمين، قال الله تعالى: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [البينة: ٥].وقال حنبل: سمعت أبا عبدالله أحمد بن حنبل يقول: من قال هذا فقد كفر بالله، ورد على أمره، وعلى الرسول ما جاء به عن الله" (٣).

ونقل شيخ الإسلام ما ذكره معقل العبسي لنافع أنهم يقولون: نحن نقر بأن الصلاة فرض ولا نصلي، وبأن الخمر حرام ونشربها، وأن نكاح الأمهات حرام ونحن ننكح؟ قال نافع: من فعل هذا، فهو كافر (٤).ولذلك فهم موافقون لأهل السنة في أن إبليس وفرعون وغيرهما كفار مع تصديق قلوبهم (٥).وهم مع قولهم بالإرجاء يكفرون أنواعا ممن يقول كذا وكذا؛ لما فيه من الاستخفاف، ويجعلونه مرتداً ببعض هذا الأنواع (٦).وهم أيضاً موافقون لأهل السنة في أن من شتم الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم فهو كافر ظاهراً وباطناً (٧).

يقول شيخ الإسلام: "ولهذا كان التكلم بالكفر من غير إكراه كفرا في نفس الأمر عند الجماعة، وأئمة الفقهاء، حتى المرجئة، خلافا للجهمية ومن ابتعهم. ومن هذا الباب سب الرسول وبغضه، وسب القرآن وبغضه، وكذلك سب الله وبغضه، ونحو ذلك مما ليس من باب التصديق والتكذيب، بل من باب الحب والتعظيم والموالاة، أو البغض والمعاداة والاستخفاف" (٨).


(١) ((الفتاوى)) (١٢/ ٤٧١).
(٢) انظر: ((الإيمان)) (ص ٣٨٠) ((الفتاوى)) (٧/ ٣٩٧).
(٣) ((الإيمان)) (ص١٩٧) ((الفتاوى)) (٧/ ٢٠٩)، والأثر مروي في: ((السنة)) للخلال (٣/ ٥٨٦ - ٥٨٧) (برقم ١٠٢٧)؛ و ((شرح أصول اعتقاد أهل السنة)) للالكائي (٥/ ٨٨٧) (برقم ١٥٩٤ - ١٥٩٥).
(٤) ((الإيمان)) (ص١٩٢ - ١٩٤) ((الفتاوى)) (٧/ ٢٠٤ - ٢٠٧)؛ وأثر معقل مروي في: ((السنة)) لعبدالله (١/ ٣٨٢ - ٣٨٤) (رقم ٨٣١)؛ و ((السنة)) للخلال (٤/ ٢٩ - ٣٢) (رقم ١١٠٥، ٥/ ٥٩) (رقم ١٦٠٨)؛ و ((الإبانة الكبرى)) (٢/ ٨١١) (رقم ١١٠١)؛ و ((شرح أصول اعتقاد أهل السنة)) (٥/ ٩٥٣ - ٩٥٤) (رقم ١٧٣٢).
(٥) ((الإيمان)) (ص١٨٣) ((الفتاوى)) (٧/ ١٩٤).
(٦) انظر: ((الإيمان)) (ص٢٠٦) ((الفتاوى)) (٧/ ٢١٨)؛ و ((بيان الدليل على بطلان التحليل))، (ص ١٨٩ - ١٩٠).
(٧) ((الإيمان)) (ص٣٨٥) ((الفتاوى)) (٧/ ٤٠٢ – ٤٠٣).
(٨) ((شرح الأصبهانية)) (٢/ ٥٨٤)، (ص١٤٢) ت مخلوف.

<<  <  ج: ص:  >  >>