للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما من عرف الشيخ وخبر سيرته وطالع مؤلفاته وتجنب الأهواء المضلة والدعايات الكاذبة لا يجد إلا سيرة عالم فذ، وإمام مجدد، ومصلح غيور، ولا تزال دعوته تؤتي أكلها - وإن رغمت أنوف - بحمد الله تعالى. وقول الكشميري عن الشيخ إنه يتسارع في التكفير كذب على الشيخ افتراء عليه تبرأ منه الشيخ نفسه، قال رحمه الله: "وأما ذكره الأعداء عني أني أكفر بالظن وبالموالاة أو أكفر الجاهل الذي لم تقم عليه الحجة. فهذا بهتان عظيم، يريدون به تنفير الناس عن دين الله ورسوله" (١).ويقول حفيده الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن: "والشيخ محمد رحمه الله من أعظم الناس توقفاً وإحجاماً عن إطلاق الكفر، حتى إنه لم يجزم بتكفير الجاهل الذي يدعو غير الله من أهل القبور أو غيرهم إذا لم يتيسر له من ينصحه ويبلغه الحجة التي يكفر تاركها" (٢).وقد أطال الكشميري في كتابه المتقدم الكلام على مسألة الإيمان على طريقة المرجئة، وقد قام بنقده والرد عليه الشيخ محمد أمين المصري في كتابه من هدي سورة الأنفال (٣)، والشيخ ابن عبدالحق النورفوري في كتابه إرشاد القارئ في الرد على كتاب فيض الباري، والكتاب لا يزال مخطوطاً، وهو مشتمل على ردود جيدة وتتبعات دقيقة، إلا أن مؤلفة لم يكمله بعد يسر الله له إكماله وطبعه.

٢ - ومنهم جهمي هذا العصر وحامل لواء التعطيل فيه محمد زاهد الكوثري المتوفى سنة ١٣٧١هـ في كتابه تأنيب الخطيب وفي غيره من كتبه، وأكاذيب هذا الرجل لم تعد تخفى على أحد، وسوآته الفكرية تمتلئ بها كتب السنة التي قام بإخراجها وتحقيقها. وقد شفى وكفى في الرد عليه وبيان كذبه ومغالطاته الشيخ العلامة ذهبي هذا العصر عبدالرحمن المعلمي في كتابه الفذ "التنكيل بما في كتاب الكوثري من الأباطيل" (٤).

٣ - ومنهم مريد الكوثري والمتهالك في حبه عبدالفتاح أبو غدة، ودور هذا المريد ظاهر في حرثه لأفكار شيخه والإشادة بها، ووصف كلام شيخه بأنه تحقيق متين، وإطارئه دائماً بالعلامة والمحقق والإمام وغير ذلك.

ولنشر هنا إلى بعض كلام أبي غدة فيما يتعلق بمسألة زيادة الإيمان ونقصانه ورأيه فيه.

فقد نقل كعادته كلام شيخه محتفياً به رغم ما في كلام شيخه من ثلب للسلف بعامة، ولإمام المحدثين وأمير المؤمنين في الحديث أبي عبدالله البخاري بخاصة.

واسمع ماذا نقل عن شيخه في الطعن بالإمام البخاري رحمه الله.

قال - أي الكوثري -: "ومن الغريب أن بعض من يعدونه من أمراء المؤمنين في الحديث يتبجح قائلا: إني لم أخرج في كتابي عمن لا يرى أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص مع أنه أخرج عن غلاة الخوارج ونحوهم في كتابه وهو يدري أن الحديث القائل بأن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص غير ثابت عن النقاد، ولا التفات على المتساهلين ممن لا يفرقون بين الشمال واليمين ... ".ومن شدة احتفاء هذا المريد بكلام شيخه المتقدم، رغم ما فيه من إساءات ومغالطات، فقد نقله في موضعين من مؤلفاته (٥) ثم وصفه بأنه بيان شافي!!

قلت: ولننبه على بعض ما في هذا البيان الشافي من مغالطات:


(١) (مجموع المؤلفات) (٥/ ٢٥).
(٢) ((منهاج التأسيس والتقديس)) (ص٩٨، ٩٩).
(٣) أنظره من (ص١٠٤) وما بعدها.
(٤) أنظر رد المعلمي عليه فيما يتعلق بمسألة الإيمان في ((التنكيل)) (٢/ ٣٦٢) وما بعدها.
(٥) انظر هامش ((الرفع والتكميل)) للكنوي (ص٣٠) وهامش ((قواعد في علوم الحديث)) للتهانوي (ص٢٣٧) كلاهما بتحقيق أبي غدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>