للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - نفي الصفات: لقد كان يحيى ينفي الصفات الأزلية، وحجته في ذلك أننا لا نستطيع أن نحدد الله تعالى أو ندرك طبيعته؛ لأن الطبيعة مستحيل عليها أن تفهم ما فوق الطبيعة، ولأنه تعالى لم يمنحنا القدرة على تعرفه وإداركه، والذين يطلقون على الله تعالى بعض الصفات، كالقدم والحياة والسمع والبصر، يخطئون كثيرا، لأن هذه الصفات تقتضي التركيب فيكون تعالى مركبا من عناصر مختلفة؛ وذلك ما لا يجوز في حقه تبارك وتعالى؛ لأنه عنصر واحد غير مركب، ولو أطلقنا عليه تعالى مثل هذه الصفات، فإن علينا أن نفهم تماما أنها مجرد صفات سلبية، فإذا قلنا أنه تعالى لا أول له، فالمعنى أنه غير مخلوق أو غير قابل للفناء، وإذا قلنا: أنه خير فالمعنى أنه لا يفعل الشر، وهكذا. وإلى هذا القول في تعطيل الصفات ذهب المعتزلة حيث جعلوه أحد أصولهم الخمسة. ٤ - المجاز والتأويل: كذلك تعرض يحيى الدمشقي لمسألة التجسيم والتشبيه، فقال: إنه وردت في الكتاب المقدس كلمات كثيرة تحمل معنى التجسيم والتشبيه، وإن الناس في حديثهم عن الله تعالى يستعملون عبارات تؤدي إليهما، فحيثما وجدنا مثل هذه العبارات التي تتضمن معنى التجسيم والتي تشبه الله بخلقه؛ سواء في الكتاب المقدس أو غيره، وجب أن نعتبرها مجازا أو رموزا, وننظر إليها كأداة تعين الناس على معرفة الله، ويجب أن نعمد لذلك إلى تأويلها، فمثلا: سمعه تعالى: لا يعني إلا استعداده لقبول الدعاء، وعينه تعالى: ليست سوى قدرته على معرفة كل شيء، ومراقبة كل شيء، وهكذا، وقد سار المعتزلة على هذه الخطوة فنفوا الأحاديث وأولوا الآيات التي تتضمن الاستواء والمجيء والنزول إلى الدنيا والسمع والبصر والكلام وغير ذلك (١).


(١) ((المعتزلة)) (٢٧) بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>