للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم يوحي النص أن مذهب الاعتزال غنيمة كبرى، وأن جعفر الصادق قد حسد واصلاً على اعتناقه، وأن رئاسة هذا المذهب الضال، على رأي كاتب النص، يجب أن تكون لآل البيت، وهذا من الكذب؛ فهل يخفى على جعفر الصادق أن هذا المذهب هو مذهب مبتدع، لا يشرف المرء الانتساب إليه، يضاف إلى ذلك أن ذلك النص يتهم واصلاً بأنه طعن في الأئمة، ولكن واصلاً ينفي ذلك، وهذه القصة لا شك في وضعها؛ بدليل قول ابن المرتضى نفسه: "والله أعلم بصحتها".وقد نفى هذه التلمذة الشيخ محمد أبو زهرة – رحمه الله –، ولكن الدكتور النشار يؤكد على هذه التلمذة؛ تبعاً لكتاب المعتزلة، فيقول: "وقد حاول العلامة الكبير، الشيخ محمد أبو زهرة أن يثبت أن الإمام زيدا لم يتتلمذ على واصل بن عطاء، وإنما ذاكره، وزامله فيها، وبخاصة أن واصل بن عطاء إنما أخذ مذهبه عن رجل من أهل البيت، هو أبو هاشم، وسواءً أصحت تلمذة زيد لواصل بن عطاء، أم مذاكرته له في المذهب، فإن آراء المعتزلة كانت هي المرحلة الحاسمة في تفكير الفتى العلوي، ثم يردد الأباطيل؛ فيقول: كما أن اعتناق زيد المذهب القدري أقلق محمداً الباقر" (١).إن من المؤسف – حقاً – أن يلقي الدكتور هذا الكلام على عواهنه؛ تبعاً للمعتزلة، والمستشرقين، وعلى هذا المدار تجد الدكتور النشار يلقي الشبهات؛ وينسب خيار الأمة إلى المذاهب المبتدعة، والخلاصة التي يجب اعتقادها هي بطلان شبهات المعتزلة، ومن تابعهم؛ فإن زيداً، وهو سليل بيت النبوة، ما كان له أن يتلقى العلم عن أحد المبتدعة، الذين لا نصيب لهم من علم الكتاب، والنبوة، وكما قال الدكتور شريف الخطيب: "وعلى فرض صحة لقاء زيد بواصل، فإنه كان لقاء جدال بين مذهب الحق، وهو ما يعتقده زيد، وبين المذهب الباطل الذي يعتقده واصل" (٢).أما تلمذة واصل على الإمام الحسن البصري – رحمه الله – تعالى – (١١٠هـ) "، فهي ثابتة بلا شك، ولكنها تلمذة من أحدث البدعة في هذا المجلس، ورد على شيخه بما لا يليق، ولا نعلم متى قدم واصل إلى البصرة، فإذا قلنا إنه أقام في المدينة إلى سنة " (١٠٠هـ) "، فيكون قد جالس الحسن البصري مدة خمس سنوات، وقد بقي أربع سنوات منها صامتاً، لا يتكلم، فسألوا الحسن البصري عن ذلك، فقال: "إما أن يكون أجهل الناس، أو أعلم الناس" (٣)، "وكانوا يظنون به الخرس من طول صمته" (٤)،


(١) ((نشأة الفكر الفلسفي)) (٢/ ١٢٢).
(٢) د. شريف الخطيب، ((الإمام زيد بن علي المفترى عليه)) (ص٦٤)، (ص١)، ١٤٠٤هـ، منشورات الفيصلية، مكة المكرمة.
(٣) القاضي عبدالجبار، ((طبقات المعتزلة)) (ص٢٣٥)، ت. فؤاد السيد، الدار التونسية.
(٤) ابن المرتضى، ((المنية والأمل)) (ص١٤٠) ..

<<  <  ج: ص:  >  >>