للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأولى: قوله في القدر، قال: إن الله تعالى لا يوصف بالقدرة على الشرور والمعاصي، وليست هي مقدورة له خلافا لأصحابه، فإنهم قضوا بأنه قادر عليها، لكنه لا يفعلها؛ لأنها قبيحة، وقال أيضا: إن الله لا يقدر أن يفعل بعباده إلا ما فيه صلاحهم هذا فيما يتعلق بقدرته في أمور الدنيا. وأما أمور الآخرة، فقال: لا يوصف الباري تعالى بالقدرة على أن يزيد في عذاب أهل النار شيئا، ولا على أن ينقص منه شيئا، وكذلك لا ينقص من نعيم أهل الجنة أو يخرج أحدا من أهلها، وليس ذلك مقدورا له (١).الثانية: قوله في الإرادة، إن الباري تعالى ليس موصوفا بها على الحقيقة، فإذا وصف بها شرعا في أفعاله، فالمراد بذلك أنه خالقها ومنشئها حسب ما علم، وإذا وصف بكونه مريدا لأفعال العباد، فالمعنى أنه آمر بها وناه عنها (٢).الثالثة: زعم أن لا عرض في الدنيا إلا الحركة، وأن السكون حركة اعتماد، والعلوم والإرادات من جملة الحركات؛ لأنها حركات النفس، وكان يقول: إن الإنسان لا يقدر إلا على الأعراض، وبما أنه قال: لا عرض في الدنيا إلا الحركة، لذا فإنه ينتج عن ذلك أن أفعال الإنسان، وسائر الحيوان جنس واحد، وأنها كلها حركات (٣).الرابعة: قال: إن الجواهر مؤلفة من أعراض اجتمعت، ووافق هشام بن الحكم، في قوله: إن الألوان والطعوم والروائح أجسام، فتارة يقضي بكون الأجسام أعراضا، وتارة يقضي بكون الأعراض أجساما لا غير (٤).الخامسة: قوله في الإجماع: إنه ليس بحجة في الشرع، وكذلك القياس في الأحكام الشرعية لا يجوز أن يكون حجة، وإنما الحجة في قول الإمام المعصوم (٥).السادسة: قوله في إعجاز القرآن: إنه من حيث الإخبار عن الأمور الماضية والآتية، ومن جهة صرف الدواعي عن المعارضة، ومنع العرب عن الاهتمام به جبرا وتعجيزا، حتى لو خلاهم لكانوا قادرين على أن يأتوا بسورة من مثله بلاغة وفصاحة ونظما (٦).السابعة: قوله في الكمون: وهو أن الله تعالى خلق الموجودات دفعة واحدة على ما هي عليه الآن معادنا ونباتا، وحيوانا وإنسانا، ولم يتقدم خلق آدم عليه السلام على خلق أولاده، غير أن الله تعالى أكمن بعضها في بعض، فالتقدم والتأخر، إنما يقع في ظهورها من مكامنها دون حدوثها ووجودها، وإنما أخذ هذه المقالة من أصحاب الكمون والظهور من الفلاسفة، وأكثر ميله إلى تقرير مذهب الطبيعيين منهم دون الإلهيين (٧).الثامنة: حكى الكعبي (٨) عنه أنه قال: إن كل ما جاوز الحديث القدرة من الفعل، فهو من فعل الله تعالى بإيجاب الخلقة، أي أن الله تعالى طبع الحجر طبعا، وخلقه خلقة إذا دفعته اندفع، وإذا بلغت قوة الدفع مبلغها عاد الحجر إلى مكانه طبعا (٩).التاسعة: الإنسان في الحقيقة ليس البدن، وإنما هو الروح أو النفس، والبدن آلتها، ومال إلى قوة الفلاسفة الطبيعيين، وهو أن الروح جسم لطيف مشابك للبدن، مداخل للقالب بأجزائه، مداخلة المائية في الورد، وقال: إن الروح هي التي لها قوة واستطاعة وحياة ومشيئة (١٠).


(١) ((الفرق بين الفرق)) (١٣٣)، ((الملل والنحل)) (١/ ٥٦)، بتصرف.
(٢) ((الملل والنحل)) (١/ ٥٧).
(٣) ((الفرق بين الفرق)) (١٣٨)، ((مقالات الإسلاميين)) (١/ ٣٦)، ((المعتزلة)) (١٢٦) ((نقلا عن المقالات)) (٢/ ٣٥١)، بتصرف.
(٤) ((الملل والنحل)) (١/ ٥٨).
(٥) ((الملل والنحل)) (١/ ٥٨).
(٦) ((الملل والنحل)) (١/ ٥٨).
(٧) ((الملل والنحل)) (١/ ٥٨)، ((الفرق بين الفرق)) (١٤٢).
(٨) ((الملل والنحل)) (١/ ٧٣)، ((التبصير في أمور الدين)) (٧٩).
(٩) ((الملل والنحل)) (١/ ٥٧).
(١٠) ((الملل والنحل)) (١/ ٥٧)، بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>