للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه الخامس من أوجه الاستدلال بالآية على الجواز هو: تجلي الله تعالى للجبل وهذا التجلي هو الظهور، قال القرطبي: (تجلى أي ظهر من قولك جلوت العروس أي أبرزتها، وجلوت السيف أبرزته من الصدأ جلاء فيهما وتجلى الشيء انكشف) (١) والمقصود إعلام نبي الله موسى عليه السلام أن الإنسان لا يطيق رؤية الله تعالى حيث إن الجبل مع قوته وصلابته لما رأى الله تعالى اندك وتفرقت أجزاؤه فبدا مسوى بالأرض مدكوكا، وحيث جاز تجلي الله للجبل ورؤيته له وهو جماد لا ثواب له ولا عقاب فكيف يمتنع أن يتجلى لأنبيائه ورسله وأوليائه في دار كرامته ويريهم نفسه إن ذلك بعيد. فإذا قال المعتزلة إن المراد بقوله فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ فلما ظهر من آياته وقدرته ما أوجب أن يصير دكا فيجب أن يحمل على إظهار القدرة، يبين ذلك أنه تعالى علق جعله الجبل دكا بالتجلي، ولو أراد به تجلي ذاته لم يكن لذلك معنى لأنه لو كان يجب أن يصير الجبل دكا، أو أراد تجلى بمعنى المقابلة لوجب أن لا يستقر له مكان بل كان يجب في العرض أن يصير دكا وأن يكون بهذه الصفة أحق (٢).


(١) ((الجامع لأحكام القرآن للقرطبي)) (٧/ ٢٧٨).
(٢) ((متشابه القرآن)) (١/ ٢٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>