للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المناقشة: أولاً: أن الخلود في الآية لمستحل القتل، وهو كافر إجماعاً، والكافر مخلد. يقول الطبري - عند تفسير هذه الآية -: " ... قوله متعمداً ... أي مستحلاً قتله" (١).ويقول القرطبي - حاكياً ما روي عن ابن عباس في معنى قوله متعمداً -: "أنه قال متعمداً أي مستحلاً لقتله، فهذا يؤول إلى الكفر إجماعاً والكافر مخلد ... " (٢).ويقول أبو السعود - بعد عرضه للآية: " ... ولا دليل في الآية للمعتزلة في قولهم بخلود عصاة المؤمنين في النار لما قيل أنها في حق المستحل كما هو رأي عكرمة وأضرابه، بدليل أنها نزلت في مقيس بن ضبابة الكناني المرتد ... " (٣).

وعلى هذا: فالآية لا تتناول صاحب الكبيرة، لأنها في الكافر، وصاحب الكبيرة لم يخرج من الإيمان إلى الكفر.

ثانياً: الجزاء في الآية ليس المقصود به وقوعه، وإنما الأخبار به. يقول الطبري: "وقوله تعالى: فَجَزَآؤُهُ أي: يستحق ما ذكره الله من العقاب إن شاء أن يجازيه" (٤). وقال أبو السعود بمثل هذا ... واستدل بما روي عن ابن عباس عند تفسير هذه الآية حيث قال: " فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ ... الآية أي: هي جزاؤه، فإن شاء عذبه، وإن شاء غفر له" ... (٥) ثم قال: "والتحقيق أن ما ورد في الآية إنما هو إخبار منه تعالى بأن جزاؤه ذلك، لا بأنه يجزيه بذلك، كيف لا؟! وقد قال تعالى: وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا ... الآية [الشورى: ٤٠]. ولو كان هذا إخباراً بأنه تعالى يجزي كل سيئة بمثلها لعارضه قوله تعالى: ... وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ .... الآية [المائدة: ١٥] ... " (٦).وإذا كان الجزاء في الآية ليس المقصود، وإنما الإخبار به، بطل قولهم: "أنه تعالى جعل ذلك جزاء لهذا الفعل المخصوص، فمتى وقع الفعل، وقع الجزاء" (٧).


(١) ((مختصر تفسير)) الطبري (١/ ١١٩).
(٢) ((تفسير القرطبي)) (٥/ ٣٣٤).
(٣) ((تفسير أبي السعود)) (٢/ ٢١٧).
(٤) ((مختصر تفسير الطبري)) (١/ ١١٩).
(٥) ((تفسير أبي السعود)) (٢/ ٢١٧)، بتصرف.
(٦) ((تفسير أبي السعود)) (٢/ ٢١٧، ٢١٨).
(٧) انظر ((متشابه القرآن)) (١/ ٢٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>