للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١ - الآيات والأحاديث الناطقة بإطلاق لفظ الإيمان على العاصي كقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ... الآية [البقرة: ١٧٨]. فقد سمى الله القاتل أخاً للمقتول وهي الأخوة الإيمانية، مما يدل على أن كبيرة القتل لم تخرجه من الإيمان، وقبل ذلك فقد خاطبهم جميعاً بلفظ الإيمان؛ مع أن فيهم قتلة؛ مما يدل على أن الكبيرة لا تخرج من الإيمان. وكقوله تعالى: وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [الحجرات: ٩]. فقد أطلق اسم الإيمان على الطائفتين المتقاتلتين من المؤمنين؛ مما يدل على أن كبيرة القتل لم تخرجهما من الإيمان، وكذلك كبيرة البغي ... (١).ومن الأحاديث الدالة على أن الفاسق معه إيمان قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه مسلم من رواية أبي ذر أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من عبد قال: لا إله إلا الله، ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة، قلت: وإن زنى وإن سرق؟ فقال صلى الله عليه وسلم: وإن زنى وإن سرق ... على رغم أنف أبي ذر ... )) (٢).

ففي هذا الحديث دلالة على أن من قال: لا إله إلا الله، وإن ارتكب شيئاً من الكبائر، فإنه يدخل الجنة؛ مما يدل على أن كبيرته لم تخرجه من الإيمان. ثانيا: إجماع الأمة من عصر الرسول – صلى الله عليه وسلم – إلى يومنا هذا على الصلاة على من مات من أهل القبلة من غير توبة، والدعاء والاستغفار لهم مع العلم بارتكابهم للكبائر بعد الاتفاق على أن ذلك لا يجوز لغير المؤمن (٣)؛ مما يدل على أنهم لم يخرجوا من الإيمان.


(١) ((الروضة الندية شرح الواسطية)) (ص٣٩٢)، بتصرف.
(٢) رواه البخاري (٥٨٢٧) , ومسلم (٩٤) , من حديث أبي ذر رضي الله عنه.
(٣) ((شرح العقائد)) (ص١١٩)، بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>