للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحتى لا يقال تلك تهمة لم تذكر دليلها أشير هنا إلى بعض أحاديث صحيحة وأنكروها أو شككوا في صحتها وأولوها تأويلا باطلا وأحاديث ضعفت درجتها أو وضعت واستنصروا بها أذكر هذا بإيجاز إذ المقام هنا مقام إشارة وتنبيه ليس إلا. فمن الأحاديث التي أنكروها أو تأولوها أحاديث الرؤية لا لضعف في سندها بل لمخالفتها لمذهبهم في إنكار الرؤية مع أنها متواترة ورواها أصحاب الصحاح والمسانيد والسنن (١) ومنها حديث جرير بن عبدالله البجلي رضي الله عنه قال:- ((كنا جلوسا مع النبي صلى الله عليه وسلم فنظر إلى القمر ليلة أربع عشرة فقال:- إنكم سترون ربكم عيانا كما ترون هذا لا تضامون في رؤيته)) (٢) وقد روى أحاديث الرؤية نحو ثلاثين صحابيا (٣) ومع هذا كله لم تلق القبول لدى المعتزلة مع علمهم بها وإطلاعهم عليها فالقاضي عبدالجبار المعتزلي يقول عند تفسيره لقوله تعالى لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ [يونس: ٢٦]. "ليس المراد بها الرؤية على ما روي في الخبر؟ وجوابنا أن المراد بالزيادة التفضيل في الثواب فتكون الزيادة من جنس المزيد عليه وهذا مروي وهو الظاهر فلا معنى لتعلقهم بذلك. وكيف يصح ذلك لهم وعندهم أن الرؤية أعظم من كل الثواب فكيف تجعل زيادة على الحسنى؟ " (٤).


(١) ((شرح العقيدة الطحاوية)) (ص٢٠٩).
(٢) رواه البخاري (٥٥٤) , من حديث جرير بن عبد الله رضي الله عنه.
(٣) ((شرح العقيدة الطحاوية)) (ص٢١٠).
(٤) ((تنزيه القرآن عن المطاعن)) للقاضي عبدالجبار (ص١٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>