هكذا يتجاسر جولد زيهر على قلب الحقائق مسقطاً الواقع الذي يثبت اجتهاد الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين. . . وكتب السنة والسيرة والتاريخ والفقه والخلاف والمقارنات الفقهية حافلة بما يؤيد اجتهادهم وتعويلهم على العقل الذي لم يبق في إجازة في انتظار المعتزلة ليكتسب فعاليته. وقبل أن أختم هذا التمهيد الموجز أريد أن أشير إلى ملاحظة مهمة وهي أن المعتزلة رغم ارتمائهم في أحضان العقل بدون تروّ ورغم مجافاتهم للكثير من نصوص الحديث وتعسفهم في تأويل العديد من آي الذكر الحكيم فإنهم لا يرتاحون حين يتهمهم خصومهم بأن كتبهم ومباحثهم خالية من سنن الرسول صلى الله عليه وسلم، إذ هم يدعون لأنفسهم التمسك بالسنة وبالجماعة، وكثيراً ما ينقلبون على مناوئيهم باللائمة فيتهمونهم بأنهم لا يعرفون حقيقة السنة (١).
وسوف نتتبع حقيقة موقفهم من السنة بدراسة آرائهم إزاء الموضوعات التالية:
أ - موقفهم من الصحابة حملة العلم النبوي.
ب - ومن الأخبار المتواترة.
ج – ومن أخبار الآحاد.
د – ومن عدد جم من الأحاديث النبوية.
رأيهم في الصحابة:
كان موقف المعتزلة من الصحابة خالياً من كل روح ديني، فهم يعرضونهم على مشرحة انتقادهم ولا أقول نقدهم دون أن يتورعوا عن إلصاق كل تهمة بهم، وهي تهم متحملة متعسفة تثبت لأصحابها سوء الطوية أكثر مما تثبته من حب البحث عن الحقيقة.