للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - الشفاعة في إخراج قوم من النار عصاة أدخلوها بذنوبهم. والمعتزلة ولئن اشترطوا في النوع الثاني من الشفاعة أن تكون خاصة بمن لا تبعة عليه فإنهم قبلوا النوعين الأول والثالث، بينما ردوا النوع الرابع (١)، لأنهم ينكرون شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم لأهل الكبائر من الأمة الإسلامية (٢) مستندين إلى المتشابه من قوله تعالى: فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ [المدثر:٤٨] ولأنها تخالف مبدأهم في الوعد والوعيد. وقد شذ عنهم أبو هاشم بن الجبائي حيث أقر الشفاعة مع كون الشفيع ساخطا، وقال: (قد تصح بلا توبة) (٣).أما القاضي عبد الجبار فيقر شفاعة الرسول ولكنه يجعلها خاصة بأهل الثواب دون أهل العقاب ولأولياء الله دون أعدائه وتتمثل شفاعته صلى الله عليه وسلم في أن يزيدهم من الفضل والتعظيم في الجنة هذا هو مفهوم الشفاعة التي يثبتها ويخطئ من ينكرها خطأ عظيما (٤) مستدلا على ما ذهب إليه بقوله تعالى: مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ [غافر: ١٨]، فأهل النار عنده يستحقون (اللعن والغضب والسخط فكيف يجوز للرسول صلى الله عليه وسلم أن يشفع لهم، ومن حق الشافع أن يكون محبا لمن يشفع له راضيا عنه، وهذا يوجب إن كان عليه السلام يشفع لهم – أن يكون راضيا عمن سخط عليه ولعنه وذلك لا يصح) (٥).فهم يصدرون في إنكارهم للشفاعة عن إيمانهم بالوعد والوعيد، وعيد الله للمذنبين، ووعيده للأتقياء المطيعين، وقد سبقت كلمة الله بذلك، ولا مبدل لكلماته، فإذا خرج المؤمن من الدنيا عن طاعة وتوبة استحق الثواب وإذا خرج عن كبيرة ولم يثب خلد في النار (٦)، إذ لا يصح خروجهم منها لأنهم من أهل العقاب، ولا يجوز مع ذلك أن يكونوا من أهل الثواب لأن ذلك كالمتضاد (٧).


(١) ((فتح الباري)) (١٧/ ٢٣٧).
(٢) ((مقالات الإسلاميين)) (٢/ ١٦٦).
(٣) ((فضل الاعتزال)) (٢٠٨).
(٤) ((فضل الاعتزال)) (٢٠٧).
(٥) ((فضل الاعتزال)) (٢٠٨).
(٦) ((المعتزلة)) لزهدي جار الله (٥١).
(٧) ((فضل الاعتزال)) (٢٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>