للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويتصدى الباقلاني للجواب: هو صحيح عندنا انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى رأى الناس ذلك، إنما رآه الحضور ومن اتفق نظره في تلك الحال ويقول الملك: وكيف لم يرد جميع الناس؟ فيجيب الباقلاني: لأن الناس لم يكونوا على أهبة ووعد لشقوقه وحضوره ثم قاس له بالخسوف الذي لا يراه جميع أهل الأرض، وإنما يراه من كان في محاذاته ويختم بقوله: (فما أنكرت من انشقاق القمر إذ كان في ناحية أن لا يراه إلا أهل تلك الناحية، ومن تأهب للنظر له، فأما من أعرض عنه، أو كان في الأمكنة التي لا يرى القمر منها فلا يراه) (١).

وهذا أسلوب يستخدم مع الكافرين بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم الذين لا يؤمنون بحديثه، وإلا فقد ثبت حديث انشقاق القمر عن ابن مسعود وابن عمر وأنس وابن عباس. جاء عن ابن مسعود قوله: ((انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بشقين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اشهدوا)) (٢).وقد أورد محمد فؤاد عبد الباقي في تعليقه على ترجمة باب انشقاق القمر بصحيح مسلم ما قاله القاضي عياض في هذا الموضوع وجاء فيه (انشقاق القمر من أمهات معجزات نبينا صلى الله عليه وسلم وقد رواها عدة من الصحابة رضي الله عنهم مع ظاهر الآية الكريمة وسياقها، قال الزجاج: وقد أنكرها بعض المبتدعة مخالفي الملة وذلك لمن أعمى الله قلبه، ولا إنكار للعقل فيها، لأن القمر مخلوق لله تعالى، يفعل فيه ما يشاء، كما يفنيه ويكوره في آخر الأمر) (٣).


(١) ((إعجاز القرآن)) للباقلاني – مقدمة- سيد صقر (٣٠).
(٢) رواه البخاري (٣٦٣٦) , ومسلم (٢٨٠٠).
(٣) ((مسلم)) (٤/ ٢١٥٨) (هامش رقم ٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>