للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - أن الخلود إنما يصدق على من استحله، فله يصير باستحلاله كافرا. والكافر مخلد بلا ريب. ٣ - ورد التخليد مورد الزجر والتغليظ وحقيقته غير مراده (١).ب- ويستدلون أيضا بقوله صلى الله عليه وسلم ((إياكم والزنا فإن فيه سوء الحساب وسخط الرحمن وخلود النار)) (٢). وقوله صلى الله عليه وسلم ((من انتسب إلى غير أبيه فالجنة عليه حرام)) وقوله صلى الله عليه وسلم ((من اقتطع مال امرئ مسلم حرم الله عليه الجنة وأدخله النار)). (٣) ج – ومما يروونه عن خلود أهل النار في النار وأهل الجنة في الجنة قوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا صار أهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار نادى مناد بينهما: يا أهل الجنة خلود فلا موت ويا أهل النار خلود فلا موت)) (٤).ويقول القاضي عبد الجبار كما ثبت خلود أهل الكفر في النار ثبت أيضا تخليد قاتل النفس والفار من الزحف وأكل مال اليتيم وغير ذلك (٥) .. وبما أن الله صاحب أعظم نعمة على الإنسان فإن من عصاه ينبغي أن يعظم عقابه بعظم معصيته (وذلك يبين حسن العقاب الدائم) (٦).ونجد من المعتزلة من يتخلى عن الخلود كالعلاف ويقول بفناء نعيم أهل الجنة وفناء عذاب أهل النار (٧) مما جعل عددا من زعماء المعتزلة يردون عنه ويوبخونه كالجبائي وأبي موسى (عيسى بن صبيح المعروف بالمردار). وقد ألف منهما كتابا ذكر فيه فضائح أبي الهذيل، ولجعفر بن حرب أحد زعماء المعتزلة كتاب سماه (توبيخ أبي الهذيل) (٨).وقد تصدى أهل الحديث للرد عن ضلالات المعتزلة مستندين إلى ما صح في السنة النبوية من الآثار، وقد أجمعوا على أن المعاصي ليست موجبة للخلود، فقد جاء عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار ثم يقول الله تعالى: أخرجوا من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان فيخرجون منها قد اسودوا فيلقون في نهر الحيا أو الحياة شك مالك فينبتون كما تنبت الحبة فى جانب السيل، ألم تر أنها تخرج صفراء ملتوية)) (٩). وقد عقب ابن حجر على هذا الحديث بقوله: (وأراد البخاري بإيراده، الرد على المرجئة لما فيه من بيان ضرر المعاصي مع الإيمان، وعلى المعتزلة في أن المعاصي موجبة للخلود) (١٠) فلا يلزم من إطلاق دخول النار التخليد فيها (١١).


(١) ((فتح الباري)) (٣/ ٤٧٠).
(٢) ((فضل الاعتزال)) (١٥٥).
(٣) رواه الحاكم (٤/ ٣٢٨) , من حديث جابر بن عتيك, قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (٤/ ١٨٤): رجاله رجال الصحيح خلا أبا سفيان بن جابر بن عتيك ولم يتكلم فيه أحد. وقال الألباني في ((صحيح الترغيب)) (١٨٤٠) صحيح لغيره. ورواه الطبراني في ((الكبير)) (١/ ٢٧٣) , من حديث أبي أمامة.
(٤) رواه البخاري (٤٧٣٠) , ومسلم (٢٨٤٩) , من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
(٥) ((فضل الاعتزال)) (٢٠٩).
(٦) ((فضل الاعتزال)) (٢١٠).
(٧) ((تأويل مختلف الحديث)) (٤٤) , ((الفرق بين الفرق)) (١٢٢).
(٨) ((الفرق بين الفرق)) (١٢٢).
(٩) رواه البخاري (٢٢) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
(١٠) ((فتح الباري)) (١/ ٨٠).
(١١) ((فتح الباري)) (١٤/ ٢٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>