للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد صورت انقسامهم واختلافاتهم الشديدة مؤلفاتهم التي انبرى فيها كل طرف يسفه الثاني ويكشف عواره. فقد ألف بشر بن المعتمر كتابا في الرد على ضرار بن عمرو المعتزلي سماه (الرد على ضرار) (١).ثم إن بشرا هذا يكفره تلميذه المردار (عيسى بن صبيح) الملقب براهب المعتزلة بل ويكفر معه أبا الهذيل العلاف والنظام وعددا من شيوخه وقد بادله هؤلاء تكفيرا بتكفير (٢). ولعباد بن سليمان الضمري، وهو من أصحاب هشام الفوطي كتاب يسمى (الأبواب) نقضه أبو هاشم الجبائي، وقال عنه أبو الحسين الملطي (ملأ الأرض كتبا وخلافا وخرج عن حديث الاعتزال إلى الكفر والزندقة) (٣).وكتب ابن الراوندي (ت ٢٩٨هـ) الذي نكص عن الاعتزال بعد أن كان من متكلمي المعتزلة وانغمس في الإلحاد والزندقة كتابا سماه (فضيحة المعتزلة) نقضه أبو الحسين بن الخياط (ت ٣٠٠هـ) بكتاب سماه (الانتصار) (٤).

هذا فضلا عما ألفه أهل الجماعة في بيان زيغ المعتزلة جميعهم وفساد نحلتهم.

٣ - آراؤهم المنافية للإسلام: إن تأثر عدد من رجال الاعتزال بالآراء والمذاهب الفلسفية والدينية القديمة جعلهم يصدعون بآراء تتجافى وعقيدة الإسلام البسيطة الواضحة، فقد نفوا القدر فسموا القدرية، ونفوا صفات الله فسموا النفاة، قالوا بخلق القرآن ونفوا رؤية الباري يوم القيامة، بل شك بعضهم في المحسوسات (٥) كلها على غرار ما كان ينادي به (بيرون) والفلاسفة الشكاك اليونان. . ونادى آخرون بما كان يعتقده المجوس من علو النار بطباعها على كل شيء (٦). . وآمن بعضهم بالطفرة وهي انتقال الجسم من مكان رقم ١ إلى مكان رقم ٣ أو رقم ١٠ من غير مرور بالأمكنة المتوسطة بينه وبين العاشر (٧).

وتأثرهم بالفلسفة والمذاهب الملحدة جعلهم يقدمون العقل على الشرع رغم ما أنكره بعضهم من اجتهاد الرأي في الأحكام.


(١) ((مقالات الإسلاميين)) (١/ ٢٤٦) هامش رقم ٢. (١/ ٣٣٩) هامش رقم ١.
(٢) ((الفرق بين الفرق)) (١٦٦).
(٣) ((الفرق بين الفرق)) (١٦١ هامش رقم ١).
(٤) ((مقالات الإسلاميين)) (١/ ٢٤٠) هامش رقم ٢ - ((الفرق بين الفرق)) ١٢٣ هامش رقم ١.
(٥) ((الفرق بين الفرق)) (١٣٥).
(٦) ((الفرق بين الفرق)) (١٣٧).
(٧) ((الفرق بين الفرق)) (١٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>