للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيها: قوله: ولا تخلو فرقة واحدة من الغلو في جانب والتفريط في جانب آخر!.ونقول: بل إن سمة أهل السنة الوسطية لا إلى إفراط ولا إلى تفريط كما وصفهم ابن تيمية بقوله: "وهم (أهل السنة والجماعة) وسط في باب أفعال الله عز وجل بين المعتزلة المكذبين بالقدر والجبرية النافين لحكمة الله ورحمته وعدله. وفي باب الوعد والوعيد، بين الوعيدية الذين يقولون بتخليد عصاة المسلمين في النار وبين المرجئة الذين يجحدون بعض الوعيد وما فضل الله به الأبرار على الفجار. وهم وسط في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الغالي في بعضهم الذين يقول فيه بإلهية أو نبوة، والجافي فيهم الذي يكفر بعضهم أو يفسقه وهم خيار هذه الأمة" (١).

وثالثها: قوله: "وليست مهمتنا اليوم الانتصار لفرقة على أخرى. . ".

ويقول: بل إن مهمتنا الأساسية في الحياة هي إظهار عوار الباطل الذي تشتمل عليه أقاويل تلك الفرق الاثنتين والسبعين، كما أن مهمتنا مناهضة الإلحاد والكفر سواء بسواء، والمقبول من العمل هو ما كان خالصا صوابا؛ خالصا لوجه الله تعالى وصوابا على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالتلفيق ومحاولة التقارب المزعوم بين الفرق هو بمثابة الطعن في صحة عقيدة الحق التي عليها أهل السنة والجماعة؛ عقيدة السلف الصالح؛ وعقيدة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

المصدر:المعتزلة بين القديم والحديث لمحمد العبده وطارق عبد الحليم – ص ١٢٥ يرى بعض الباحثين أن الجهمية والمعتزلة من الطوائف التي عاشت في الساحة الإسلامية ردحاً من الزمن ثم اختفت، وأن مناقشة أفكارهم وعقائدهم صراع مع الرميم يتنزه عنه العقلاء، فنجد بعضهم يعقد في كتابه مبحثاً بعنوان: "من أسباب اضمحلالهم" فيذكر بعض الأسباب، ثم يقول: ولعل مما عجل بانقراضهم كثرة اختلافاتهم" ويقول آخر: "إذا كان الإسلام لا يتعارض مع العقل فما المدى الذي يسمح فيه للتفكير العقلي في أصول الدين، حتى لا تتكرر مأساة اختفاء المعتزلة" ويقول: "قام المعتزلة بدور رئيسي في الحياة العقلية للحضارة الإسلامية منذ القرن الثاني إلى القرن الخامس الهجري، حتى تواروا بعد ذلك عن مسرح الفكر" ثم يطمئن نفسه بأن تراث المعتزلة باق فيقول: "وقد قام الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة بن سليمان ت ٦١٤هـ أحد أئمة الزيدية باليمن بإرسال دعاته إلى خارج اليمن لاستنساخ الكتب والمصنفات التي توافق مذهب الزيدية، وخاصة مؤلفات المعتزلة، بذلك حفظت لنا مكتبات اليمن وأقبيتها، تراث المعتزلة" (٢).


(١) ((الجواب الصحيح)) (١/ ٨).
(٢) د. أحمد محمود صبحي: ((مباحث في علم الكلام)) (ص٨٤٢، ٣٨٧، ٣٩٣) على التوالي، والأقبية: جمع قبو، بناء تحت الأرض تنخفض حرارته في الصيف. ((المعجم الوسيط)) ٢/ ٧١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>