للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستدل أيضاً بغير ذلك من نصوص (المنار)، ومن هنا ندرك عمق الصلة بين هذا الموقف من قصص القرآن وموقف المدرسة العقلية الممثلة في تفسير (المنار) من قصص القرآن الكريم. ثم يصل الدكتور خلف الله إلى نتيجة ما قرره من الفصل بين القصة القرآنية والحقيقة التاريخية فيصف القرآن بما وصفه به المشركون من أنه "أساطير" ويستدل على هذا بأن القرآن عرض مرة واحدة للرد على المشركين "في قيلهم بأنه أساطير وهي المرة التي ترد في سورة الفرقان وهذه هي الآيات وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا [الفرقان: ٥ - ٦] فهل هذا الرد ينفي ورود الأساطير في القرآن؟ أو هو إنما ينفي أن تكون هذه الأساطير من عند محمد يكتبها وتملى عليه ويثبت أنها من عند الله، قل أنزله الذي يعلم السر .. إلخ" (١). ثم قال "وإذا كان القرآن لا ينفي ورود الأساطير فيه وإنما ينفي أن تكون هذه الأساطير هي الدليل على أنه من عند محمد عليه السلام وليس من عند الله إذا كان هذا ثابتاً فإنا لا نتحرج من القول بأن القرآن أساطير لأنا في ذلك لا نقول قولاً يعارض نصاً من نصوص القرآن" (٢).ونذكر مثلاً من تطبيقه هذه النتيجة التي توصل إليها على قصص القرآن قوله:- "وإذا ما قال المستشرقون أن بعض القصص القرآني كقصة أصحاب الكهف أو قصة موسى في سورة الكهف قد بنيت على بعض الأساطير قلنا ليس في ذلك في القرآن من بأس فإنما هذه السبيل سبيل الآداب العالمية والأديان الكبرى ويكفينا فخراً إن كتابنا الكريم قد سن السنن وقعد القواعد وسبق غيره في هذه الميادين" (٣).وزعم أيضاً أنه لن يجد من "يعارض في وجود القصة التمثيلية في القرآن الكريم وأنها وليدة الخيال وأن الخيال إنما يسود هذا النوع من القصص لحاجة البشر إليه وجريهم في بلاغتهم عليه والله سبحانه وتعالى إنما يحدثهم من هذا بما يعتادون" (٤).ويستدل (٥) لإثبات هذه النتيجة التي توصل إليها بما جاء في المنار عن أحدى قصص القرآن "ويحتمل أن تكون القصة من قبيل التمثيل والله أعلم" (٦) ويستدل (٧) أيضاً بقول الشيخ محمد عبده "وأما تفسير الآيات على طريقة الخلف في التمثيل فيقال فيه أن القرآن كثيراً ما يصور المعاني بالتعبير عنها بصيغة السؤال والجواب أو بأسلوب الحكاية لما في ذلك من البيان والتأثير فهو يدعو بها الأذهان إلى ما وراءها من المعاني كقوله تعالى يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ [ق: ٣٠] فليس المراد أن الله تعالى يستفهم منها وهي تجاوبه وإنما هو تمثيل لسعتها وكونها لا تضيق بالمجرمين مهما كثروا ونحو قوله عز وجل بعد ذكر الاستواء إلى خلق السماء فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ [فصلت: ١١] والمعنى في التمثيل ظاهر" (٨).


(١) ((الفن القصصي في القرآن الكريم)) محمد أحمد خلف الله (ص ١٧٨ - ١٨٠).
(٢) ((الفن القصصي في القرآن الكريم)) محمد أحمد خلف الله (ص ١٧٨ - ١٨٠).
(٣) ((الفن القصصي في القرآن الكريم)) محمد أحمد خلف الله (ص ١٨٢).
(٤) ((الفن القصصي في القرآن الكريم)) محمد أحمد خلف الله (ص١٧٠).
(٥) ((الفن القصصي في القرآن الكريم)) محمد أحمد خلف الله (ص ١٦٤).
(٦) ((تفسير المنار)) محمد رشيد رضا (٣/ ٥٢).
(٧) ((الفن القصصي في القرآن الكريم)) محمد أحمد خلف الله (ص ١٦٨ - ١٦٩).
(٨) ((تفسير المنار)) محمد رشيد رضا (١/ ٢٨٠ - ٢٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>