للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما القسم الأول فدول المغرب وسوريا والعراق قيدته المغرب قضائياً بالعدل بين الزوجات، وقيدته سوريا بالقدرة على الإنفاق، وقيد في العراق بمصلحة مشروعة وبالعدل بين الزوجات، وبالقدرة على الإنفاق عليهن."وورود أحد هذه القيود في القانون معناه أنه أصبح ملزماً ويتعين على القاضي أن يتحقق من توافره بحيث إذا لم يكن هذا الشرط متوافراً أو ذاك كان تعدد الزوجات غير جائز، لأن المفروض أن أحكام القانون جميعها ملزمة ويحمل الناس على احترامها وتطبيقها طوعاً أو كرهاً" (١).أما التي أخذت بالطريقة الثانية فتونس فمنعت تعدد الزوجات ومن تزوج بأكثر من واحدة يستوجب عقاباً بالسجن مدة عام وبخطيه "أي غرامة" قدرها ٢٤٠.٠٠٠ فرنك أو بإحدى العقوبتين فقط ""الفصل ١٨"" (٢).أما في مصر فقد شكل بعض تلاميذ محمد عبده لجنة سنة ١٩٢٦م اقترحت تقييد تعدد الزوجات وقدمت المقترحات لمجلس النواب وبعد مناقشات أعيدت لوزارة العدل لدراستها ثم صدر القانون رقم ٢٥ لسنة ١٩٢٩م منظماً لبعض شؤون الأسرة خالياً من مقترحات تقييد تعدد الزوجات (٣) وفي سنة ١٩٤٥م تقدمت وزارة الشؤون الاجتماعية بمشروع قانون لتقييد تعدد الزوجات باشتراط إذن القاضي الشرعي الذي في دائرة اختصاصه مكان الزواج، واشتراط أن لا يأذن القاضي إلا بعد الفحص والتحقق من أن سلوكه وأحوال معيشته يؤمن معها قيامه بحسن المعاشرة، والإنفاق على أكثر من في عصمته ومن تجب نفقته عليهم من أصوله وفروعه، ولم يكتب لهذا المشروع النجاح (٤).

وقامت بعض الدعوات لاشتراط أن يكون جواز التعدد في حالتين، حالة مرض الزوجة مرضاً لا برء منه، وحالة عقم الزوجة الذي مضى عليه أكثر من سنوات ثلاث ومنع ما عدا هاتين الحالتين ودعوا فيما دعوا إلى عدم سماع الدعوى في نزاع يتعلق بالزواج "المتعدد إلا إذا كان بإذن القاضي وقد رفضت جبهة علماء الأزهر هذا الاقتراح. وزعم المدعو عبدالعزيز فهمي باشا أن القرآن الكريم يحرم بتاتاً تعدد الزوجات؟! فالآية في زعمه واضحة لكل متذوق أنها هزء وسخرية ممن يريد تعدد الزوجات لأن المولى سبحانه وتعالى أردفها بقوله وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ [النساء:١٢٩] ولن كما يقرر النحاة هي أشد أدوات النفي للمستقبل إذ تنفيه نفياً باتاً" (٥).

وحتى نكشف مغالطة الرجل نقول أن استدلاله هنا كمن يستدل بقوله تعالى لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ [النساء: ٤٣] , ويدع وَأَنتُمْ سُكَارَى ولو أحسن الاستدلال وطلب الحقيقة لأكمل ما استدل به وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا [النساء: ١٢٩] فقوله سبحانه فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ غَفُورًا رَّحِيمًا كلها تبين المراد من نفي الاستطاعة بياناً لا يريده فهمي باشا ولهذا قطع الآية.


(١) ((تعدد الزوجات)) عبدالناصر توفيق العطار (ص ٢٥٧).
(٢) ((تعدد الزوجات)) عبدالناصر توفيق العطار (ص٢٦٢).
(٣) ((تعدد الزوجات)) عبدالناصر توفيق العطار (ص٢٩٥ - ٢٩٦).
(٤) ((تعدد الزوجات)) عبدالناصر توفيق العطار (ص ٢٩٥ - ٢٩٦).
(٥) ((مع المفسرين والكتاب)) أحمد محمد جمال (ص ٢٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>