للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد استدل الأزارقة في قولهم بتعذيب الأطفال في النار من القرآن الكريم بقوله تعالى حاكيا عن نوح عليه السلام قوله: إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلاَّ فَاجِرًا كَفَّارًا [نوح:٢٧].ومن السنة بما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: ((يا رسول الله، أين أطفالي منك؟ قال: في الجنة، قالت: فأطفالي من غيرك؟ قال: في النار. فأعادت عليه فقال لها: إن شئت أسمعتك تضاغيهم)) (١).وبما روي أيضا عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((الوائدة والموؤودة في النار)) (٢).

واستدلوا أيضا بدليل عقلي، فقالوا لمن حكم بدخولهم الجنة: إن كانوا عندكم في الجنة فهم مؤمنون؛ لأنه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، فإن كانوا مؤمنين فيلزمكم أن تدفنوا أطفال المشركين مع المسلمين، وأن لا تتركوه يلتزم إذا بلغ دين أبيه فتكون ردة وخروجا عن الإسلام إلى الكفر، وينبغي لكم أن ترثوه وتورثوه من أقاربه المسلمين. قال ابن حزم بعد ذكر استدلالاتهم تلك: "هذا كل ما احتجوا به، ما يعلم لهم حجة غير هذا أصلا" (٣) وممن قال بتعذيب الأطفال تبعا لآبائهم بعد الأزارقة العجاردة، فإنهم كانوا يقولون إن "أطفال المشركين في النار مع آبائهم" (٤)، وكذا الحمزية والخلفية فإنهم يعتبرون الأطفال كلهم- أي من مخالفيهم – من أهل القبلة أو من المشركين؛ هؤلاء عندهم كلهم في النار، وتعتبر الشبيبية من هذا الفريق المتشدد، حيث حكموا على أطفال المؤمنين" بأنهم مؤمنون أطفالا وبالغين حتى يكفروا، وأن أطفال الكفار كفار أطفالا وبالغين حتى يؤمنوا" (٥).


(١) رواه أبو يعلى (١٢/ ٥٠٤)، والطبراني (٢٣/ ١٦). قال الذهبي في ((سير أعلام النبلاء)) (٢/ ١١٣): فيه انقطاع. وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (٧/ ٢٢٠): رواه الطبراني وأبو يعلى ورجالهما ثقات إلا أن عبد الله بن الحارث بن نوفل وابن بريدة لم يدركا خديجة. وقال العراقي في ((المغني)) (٤/ ٣٩): إسناده منقطع. وقال الألباني في ((السلسلة الضعيفة)) (٢٤/ ٦٤٤): مرسل.
(٢) رواه أبو داود (٤٧١٧)، وابن حبان (١٦/ ٥٢١)، والطبراني (١٠/ ٩٣). والحديث سكت عنه أبو داود. وحسنه ابن حجر في ((هداية الرواة)) (١/ ١٠٥) – كما أشار لذلك في المقدمة -. وقال الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)): صحيح.
(٣) ((الفصل)) (٤/ ٧٣).
(٤) ((الملل والنحل)) (١/ ١٢٨).
(٥) ((المقالات)) (١/ ١٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>