٩ - العلم بحال الخصم، وتوقع ردة فعله، ومحاولة الاستفادة من ذلك في إقامة الحجة عليه، فابن عباس رضي الله عنه كان يعلم زهد الخوارج وتقشفهم في العبادة وغلوهم في ذلك، فلما أراد السير إليهم لبس حلة من أحسن ما يكون من اليمن، فأنكروا عليه ذلك - وكان يتوقع إنكارهم – فرد عليهم أن هذا وارد في الكتاب والسنة، وفي رده عليهم قرر أمرين: الأول: جهلهم بهدي الرسول صلى الله عليه وسلم، الثاني: أنهم لجهلهم يعيبون وينكرون أمورا هي واردة في الكتاب والسنة، مثل هذا الأمر، ومثل إنكارهم على علي أمر التحكيم. وإن كان لم يصرح بهذين الأمرين أو يعلنهما، ولكنهما ينفذان للنفوس والأذهان.١٠ - إظهار حقيقة الخصم إن كان جاهلا بالكتاب والسنة (١) عن طريق إضعاف موقفه بالحجة والدليل، وهذا ما فعله ابن عباس أول ما قدم إليهم أنكروا عليه أمر حلته، فبين جهلهم وأنه أعلم منهم بما ورد في الكتاب والسنة، وقرر أنه شاهد ما لم يشاهدوا من حال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكذلك لما سئل ما جاء بك؟ زاد في الإجابة ليؤكد هذا الأمر فقال:"أتيتكم من عند أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم المهاجرين والأنصار، ومن عند ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم وصهره، وعليهم نزل القرآن، فهم أعلم بتأويله منكم، وليس فيكم منهم أحد".