للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي الجزء الثالث, من حديث أبي طاهر المخلص من طريق عبد الله بن شريك العامري عن أبيه قال: قيل لعلي إن هنا قوماً على باب المسجد يدعون أنك ربهم فدعاهم فقال لهم: ويلكم ما تقولون؟ قالوا: أنت ربنا وخالقنا ورازقنا، فقال: ويلكم إنما أنا عبد مثلكم آكل كما تأكلون وأشرب كما تشربون إن أطعت الله أثابني إن شاء الله وإن عصيته خشيته أن يعذبني, فاتقوا الله وارجعوا فأبوا، فلما كان الغد غدوا عليه فجاء قنبر فقال: قد والله رجعوا يقولون ذلك الكلام فقال: أدخلهم فقالوا كذلك, فلما كان الثالث قال: لئن قلتم ذلك لأقتلنّكم بأخبث قتلة فأبوا إلا ذلك فقال: يا قنبر ائتني بفعلة معهم مرورهم فخدَّ لهم أخدوداً بين باب المسجد والقصر وقال: احفروا فأبعدوا في الأرض وجاء بالحطب فطرحه بالنار في الأخدود وقال إني طارحكم فيها أو ترجعوا، فأبوا أن يرجعوا فقذف بهم حتى إذا احترقوا قال:

إني رأيت أمراً منكراً ... أو قدت ناري ودعوت قنبرا

وقال ابن حجر: هذا سند حسن (١).إضافة إلى هذه الروايات، فقد روى الكليني في كتابه (الكافي) –الذي هو بمنزلة صحيح البخاري عند القوم، روى في كتاب الحدود في باب المرتد بسنده من طريقين عن أبي عبد الله أنه قال: أتى قوم أمير المؤمنين عليه السلام فقالوا: السلام عليك يا ربنا فاستتابهم فلم يتوبوا فحفر لهم حفيرة وأوقد فيها ناراً وحفر حفيرة أخرى إلى جانبها وأفضى ما بينهما فلما لم يتوبوا ألقاهم في الحفيرة وأوقد في الحفيرة الأخرى ناراً حتى ماتوا (٢).

ونقل الماماقاني وهو فوق الثقة عند القوم بعض النصوص في ذم الغلاة ومنهم السبئية ما رواه محمد بن الحسن وعثمان بن حامد قالا: حدثنا محمد بن يزداد عن محمد بن الحسين عن موسى بن بشار عن عبد الله بن شريك عن أبيه قال: بينا علي رضي الله عنه عند امرأته عن عترة وهي أم عمر إذ أتاه قنبر فقال: إن عشرة نفر بالباب يزعمون إنك ربهم فقال: أدخلهم قال: فدخلوا عليه فقال: ما تقولون. فقالوا: نقول إنك ربّنا وأنت الذي خلقتنا وأنت الذي رزقتنا فقال لهم: ويلكم لا تفعلوا إنما أنا مخلوق مثلكم، فأبوا فقال لهم: ويلكم ربي وربكم الله ويلكم توبوا وارجعوا، فقالوا: لا نرجع عن مقالتنا أنت ربنا ترزقنا وأنت خلقتنا، فقال: قنبر ائتني بالفعلة، فخرج قنبر فأتاه بعشرة رجال مع الزيل والمرور فأمرهم أن يحفروا لهم في الأرض فلما حفروا أخدوداً أمر بالحطب والنار فطرح فيه حتى صار ناراً تتوقد قال لهم: توبوا قالوا: لا نرجع فقذف عليّ بعضهم ثم قذف بقيتهم في النار قال عليّ:

إني إذا بصرت شيئاً منكراً ... أوقدت ناراً ودعوت قنبراً (٣)

ويبدو أن علياً رضي الله عنه قد كرر عقابه لغير هؤلاء أيضاً، وهم الزط. فقد روى النسائي في سننه (المجتبى) عن أنس أن علياً أتي بناس من الزط يعبدون وثناً فأحرقهم، قال ابن عباس إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من بّدل دينه فاقتلوه)) (٤).وأخرج ابن أبي شيبة من طريق قتادة: "أن علياً أتي بناس من الزط يعبدون وثناً فأحرقهم" (٥) وحكم الحافظ ابن حجر على هذا الحديث بالانقطاع ثم قال: فإن ثبت حُمل على قصة أخرى، فقد أخرج ابن أبي شيبة أيضاً من طريق أيوب عن النعمان أنه قال: شهدت علياً في الرحبة، فجاءه رجل فقال إن هنا أهل بيت لهم وثن في دار يعبدونه فقام يمشي إلى الدار فأخرجوا إليه تمثال رجل قال فألهب عليهم الدار (٦).


(١) انظر: ((فتح الباري)) (١٢/ ٢٧١).
(٢) انظر: ((الكافي للكليني)) (٧/ ٢٥٧ - ٢٥٩).
(٣) انظر: ((مقياس الهداية))، (٣/ ٨٩ - ٩٠) تنقيح المقال.
(٤) رواه البخاري (٣٠١٧).
(٥) رواه النسائي (٤٠٦٥) وأحمد (١/ ٣٢٢) (٢٩٦٨) وصححه الألباني
(٦) انظر: ((فتح الباري)) (١٢/ ٢٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>