للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" وإن كان في كتب المسعودي والواقدي من الطعن والغمز ما هو معروف عند الأثبات ومشهور بين الحفظة الثقات " (١).

ثم ذكر ابن خلدون نماذج من الوهم والخطأ في تاريخ المسعودي (٢).

وفي موطن آخر يشير " ابن خلدون " إلى نوع من أنواع التأليف في التاريخ، هو ذكر الأحوال العامة للآفاق والأخبار والأعصار، ثم قال: فذلك أسّ للمؤرخ، ومثل ذلك بمروج الذهب للمسعودي، قال: إن المسعودي بذلك صار إماماً للمؤرخين يرجعون إليه، وأصلا يعولون في تحقيق الكثير من أخبارهم عليه (٣).

والذي يظهر أن مدح ابن خلدون للمسعودي لعموم منهجه، وشموله في كتابه لأحداث المشرق والمغرب، والعرب والعجم، ووصفه الجبال والبلدان والبحار، والممالك والدول، وهذا حق، لكن فرق بين هذا وبين تحقيق الروايات والبعد عن السواقط والمنكرات، وهو ما نحن بصدده (٤).

ومن الباحثين المحدثين يؤكد الدكتور السويكت على الميول الشيعية القوية عند المسعودي (٥)، وعلى تعاطفه العلوي في معالجته التاريخ الإسلامي وأثرها على أحكامه على الرغم من محاولته الظهور بالمؤرخ الحيادي المصنف! (٦).

وأنه خدم التشيع جيداً وبطريقة تخفى على كثير من الناس (٧).

وأن ما دونه في مؤلفاته من معلومات عن التاريخ الإسلامي الأول لم يكن محل رضا من العلماء المسلمين المحققين، بسبب عدم التزامه في بالمنهج الإسلامي القويم الذي يحفظ لصحابة رسول الله مكانتهم في النفوس (٨).

كما يلاحظ أن نزعة المسعودي الشيعية قد أثرت على كتابته في تاريخ الخلفاء الراشدين والأمويين، ولم يستطع أن يكتب تاريخا مجردا من الهوى (٩).

وبعد: فقد آن الأوان لنقل بعض مرويات المسعودي التي لم تكن ولن تكون محل رضا العلماء المسلمين والباحثين المنصفين.

نماذج لروايات في كتاب المسعودي (مروج الذهب)

إذا كان للمسعودي عدد من المصنفات في التاريخ (١٠) فحسبنا في هذه الدراسة أن نقف على واحد من أشهر كتبه وأكثرها رواجا وهو " مروج الذهب ".

وقبل نقل المرويات يسجل على المسعودي في " مروج الذهب" الملاحظات التالية:١) اختصر الحديث في خلافة أبي بكر الصديق اختصارا مخلا، حيث لم يتجاوز حديثه ثماني صفحات قال في نهايتها معللا ذلك: وقد أعرضنا عن ذكر كثير من الأخبار في هذا الكتاب للاختصار والإيجاز (١١).

ولا أدري لماذا يكون الاختصار هنا، بينما في خلافة علي تبلغ ثمانين صفحة، ومع ذلك يعتذر في النهاية عن حصر مناقب علي وفضائله معللا ذلك بعرضه في كتب أخرى (١٢).٢) ليس ذلك فحسب بل الأدعى من ذلك أن المتأمل بالتمرد الندم على قبول الخلافة (١٣).

وهو لم يقبلها إلا خشية الفتنة (١٤).


(١) [٩٧٧٢] ((مقدمة ابن خلدون)) (ص ٤).
(٢) [٩٧٧٣] ((مقدمة ابن خلدون)) (ص١٠، ١٢).
(٣) [٩٧٧٤] ((مقدمة ابن خلدون)) (ص ٣٢).
(٤) [٩٧٧٥] وهذا الرأي الذي أراه هو ما استلمحه من رأي الدكتور سليمان السويكت في كتابه: منهج المسعودي في كتابه ((التاريخ)) (ص ٤٤٢).
(٥) [٩٧٧٦] سليمان السويكت: ((منهج المسعودي في كتابه التاريخ)) (ص ٧٤، ٣٥٨).
(٦) [٩٧٧٧] ((منهج المسعودي في كتابه التاريخ)) (ص ٣٩٧، ٣٥٩).
(٧) [٩٧٧٨] ((منهج المسعودي في كتابه التاريخ)) (ص ٤٠٠).
(٨) [٩٧٧٩] ((منهج المسعودي في كتابه التاريخ)) (ص ٤٤٤).
(٩) [٩٧٨٠] ((منهج المسعودي في كتابة التاريخ)) (ص ٣٦٨).
(١٠) [٩٧٨١] انظر: السويكت: ((منهج المسعودي في كتابة التاريخ)) – الفصل الخامس: المسعودي مؤرخا – (ص ٣٠٥).
(١١) [٩٧٨٢] ((مروج الذهب)) (٢/ ٣١٠).
(١٢) [٩٧٨٣] ((مروج الذهب)) (٢/ ٤٣٧).
(١٣) [٩٧٨٤] ((مروج الذهب)) (٢/ ٣٠٨).
(١٤) [٩٧٨٥] ((مروج الذهب)) (٢/ ٣٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>