للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإشارة المسعودي – في معرض حديثه عن خلافة أبي بكر – إلى إمامة المفضول (١) يؤكد ذلك كله؟! ٣) يصف المسعودي نهاية عمر وعثمان بالقتل (٢) ونهاية علي بالاستشهاد (٣).٤) تعدى المسعودي وتجاوز في حديثه على كثير من الصحابة الذين كانت لهم مواقف مع علي، ووصفهم بما لا يليق بمكانتهم، كطلحة والزبير، وعائشة، ومعاوية أجمعين (٤).

نماذج من كتابة المسعودي في (المروج)

النموذج الأول: التهكم بمعاوية ومن معه؟

يقول المسعودي (٥): وبلغ – يعني معاوية- من إحكامه للسياسة وإتقانه لها واجتذابه قلوب خواصه وعوامه أن رجلا من أهل الكوفة دخل على بعير له إلى دمشق في حالة منصرفهم عن صفين فتعلق به رجل من دمشق فقال: هذه ناقتي أخذت مني بصفين، فارتفع أمرهما إلى معاوية، وأقام الدمشقي خمسين رجلا بينة يشهدون أنها ناقته، فقضى معاوية على الكوفي، وأمره بتسليم البعير إليه، فقال الكوفي: أصلحك الله إنه جمل وليس بناقة، فقال معاوية: هذا حكم قد مضى، ودس إلى الكوفي بعد تفرقهم فأحضره وسأله عن ثمن بعير فدفع إليه ضعفه، وبرّه وأحسن إليه، وقال له: أبلغ علياً أني أقاتله بمائة ألف ما فيهم من يفرق بين الناقة والجمل.

ثم يتمادى المسعودي – في بقية ورايته – بالتهكم والسخرية بمعاوية واستغفال من معه إلى درجة يقول معها:

وقد بلغ من أمرهم في طاعتهم له أنه صلّى بهم عند مسيرهم إلى صفين الجمعة في يوم الأربعاء؟! إلى أن يقول: ثم ارتقى بهم الأمر في طاعته إلى أن جعلوا لعن علي سنة ينشأ عليها الصغير ويهلك عليها الكبير! (٦).

ثم يقول السمعودي: وذكر بعض الإخباريين أن قال لرجل من أهل الشام من زعمائهم وأهل الرأي والعقل منهم: من أبو تراب هذا الذي يلعنه الإمام على المنبر؟ قال: أراه لصاً من لصوص الفتن (٧).

النموذج التالي: بين معاوية والحسن (رضي الله عنهما) ومع أن الحسن بن علي رضي الله عنهما صالح معاوية، وتنازل له عن الخلافة، وحقق بذلك نبوءة النبي حيث قال: ((إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين) (٨).

وباركت الأمة هذه الخطوة، وأكبرت للحسن صنيعه، وخرج المعتزلون للفتنة من الصحابة وبايعوا معاوية وسمي العام عام الجماعة لاجتماع الناس وانقطاع الحرب (٩). إلا أن الرافضة لم ترض بذلك، وبات علماؤهم يسردون روايات ساقطة في الوقيعة بين الحسن ومعاوية.

فالمسعودي يذكر– مثلا– أن معاوية وراء قتل الحسن بن علي وأنه دسّ إلى زوجته " جعدة بنت الأشعث بن قيس الكندي " إنك إن احتلت في قتل الحسن وجهت إليك بمائة ألف درهم، وزوجتك من يزيد، فكان ذلك الذي بعثها على سمّه (١٠)


(١) [٩٧٨٦] ((مروج الذهب)) (٢/ ٣١١).
(٢) [٩٧٨٧] ((مروج الذهب)) (٢/ ٣٢٩، ٣٥٥).
(٣) [٩٧٨٨] انظر: ((منهج المسعودي في كتابة التاريخ)) (ص ٣٥٩) = ولم أقف على ذلك في حديث المسعودي عن علي، بل ذكر مقتل أمير المؤمنين علي (٢/ ٤٢٣).
(٤) [٩٧٨٩] انظر: ((منهج المسعودي في كتابة التاريخ)) (ص ٢٦٠).
(٥) [٩٧٩٠] ((مروج الذهب)) (٣/ ٤١ - ٤٢).
(٦) [٩٧٩١] ((مروج الذهب)) (٣/ ٤٣).
(٧) [٩٧٩٢] يلاحظ أن المسعودي في كتابه لا يستخدم الإسناد في الروايات، وإنما يكتفي قال المسعودي، وذكر بعض الإخباريين أو نحوها من العبارات.
(٨) [٩٧٩٣] رواه البخاري (٢٧٠٤).
(٩) [٩٧٩٤] ابن حجر: ((الفتح)) (١٣/ ٦٣).
(١٠) [٩٧٩٥] ((مروج الذهب)) (٣/ ٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>