للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي تفسير العياشي لسورة النساء يذكر الرواية التالية: عن جابر قال: قلت لمحمد بن علي: قول الله في كتابه: الَّذِينَ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ [النساء:١٣٧] قال: هما والثالث والرابع وعبدالرحمن وطلحة، وكانوا سبعة عشر رجلاً. قال: لما وجّه النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضي الله عنه وعمّار بن ياسر رحمه الله إلى أهل مكة قالوا: بعث هذا الصبي، ولو بعث غيره يا حذيفة إلى أهل مكة؟ وفي مكة صناديدها، وكانوا يسمّون عليَّا الصبي لأنه كان اسمه في كتاب الله الصبي لقول الله: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وهو صبي وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (١) فقالوا: والله الكفر بنا أولى مما نحن فيه، فساروا فقالوا لهما، وخوَّفوهما بأهل مكة، فعرضوا لهما وغلَّظوا عليهما الأمر، فقال علي صلوات الله عليه: حسبنا الله ونعم الوكيل، ومضى، فلما دخلا مكَّة أخبر الله نبيه بقولهم لعلي وبقول علي لهم، فأنزل الله بأسمائهم في كتابه، وذلك قول الله: (ألم تر إلى الَّذِينَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) (٢) إلى قوله: وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ [آل عمران:١٧٤] وإنما نزلت ألم تر إلى فلان وفلان لقوا عليا وعماراً فقال: إنَّ أبا سفيان وعبدالله بن عامر وأهل مكة قد جمعوا لكم فاخشوهم فقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل، وهما اللذان قال الله: الَّذِينَ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ [النساء:١٣٧] إلى آخر الآية، فهذا أول كفرهم .. والكفر الثاني قول النبي عليه وعلى آله السلام: يطلع عليكم من هذا الشعب رجل فيطلع عليكم بوجهه؛ فمثله عندالله كمثل عيسى، لم يبق منهم أحد إلاَّ تمنى أن يكون بعض أهله، فإذا بعلي قد خرج وطلع بوجهه, وقال: هو هذا، فخرجوا غضاباً وقالوا: ما بقي إلاَّ أن يجعله نبيَّا، والله الرجوع إلى آلهتنا خير ممّا نسمع منه في ابن عمّه، وليصدّنا علي إن دام هذا، فأنزل الله: وَلَمَّا ضرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ [الزخرف:٥٧] إلى آخر الآية فهذا الكفر الثاني. وزاد الكفر بالكفر حين قال الله: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ [البينة:٧] فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا علي أصبحت وأمسيت خير البريَّة، فقال له الناس: هو خير من آدم ونوح ومن إبراهيم ومن الأنبياء، فأنزل الله: إِنَّ اللهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ إلى سَمِيعٌ عَلِيمٌ [آل عمران:٣٣] قالوا: فهو خير منك يا محمد؟ قال الله: (قُلْ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا) ولكنَّه خير منكم وذريَّته خير من ذريتكم، ومن اتَّبعه خير ممَّن اتبعكم، فقاموا غضاباً وقالوا: زيادة الرجوع إلى الكفر أهون علينا مما يقول في ابن عمه، وذلك قول الله: ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْرًا [النساء:١٣٧].وفي تفسير سورة النحل يروي العياشي عن أبي جعفر أنه قال: نزل جبرائيل هذه الآية هكذا: (وَإِذَا قِيلَ لَهُم مَّاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ في علي قَالُواْ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ) (٣)


(١) (الآية ٣٣) من سورة فصلت، وحرفها بزيادة (وهو صبي).
(٢) (١٧٣: آل عمران) وتبدأ بقول الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ * آل عمران:١٧٣* بدون: (ألم تر إلى)، وقول العياشي " وإنما نزلت " فيه تحريف يذكرنا بكلام مسيلمة الكذاب.
(٣) (٢/ ٢٥٧)، والآية الكريمة (رقم ٢٤) من سورة النحل، وحرفها بزيادة (في علي).

<<  <  ج: ص:  >  >>