للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- وفي سنة ٥٧١هـ، كانت محاولة أخرى لاغتيال صلاح الدين الأيوبي أثناء حصاره لحصن عزاز، يقول المقريزي: "وفي سنة ٥٧١هـ في رابع عشر ذي الحجة، وثب عدة من الإسماعيلية على السلطان صلاح الدين فظفر بهم بعدما جرحوا عدة أمراء والخواص ... " (١).- وقد تكررت هذه المحاولة مرة أخرى أثناء حصار السلطان صلاح الدين الأيوبي لحلب (٢).- وفي سنة ٥٨٤هـ بعد تحرير المسجد الأقصى من أيدي الصليبيين "ثار اثنا عشر رجلاً من الشيعة في الليل ينادون: يال علي! يال علي! وسلكوا الدروب وهم ينادون كذلك ظناً منهم أن رعية البلد يلبون دعوتهم، ويقومون في إعادة الدولة الفاطمية فيخرجون من في الحبوس ويملكون البلد فلما لم يجيبهم أحد تفرقوا" (٣).

هذه بعض المحاولات التي قام بها الشيعة في القديم للقضاء على صلاح الدين الأيوبي، أما شيعة اليوم فإنهم وإن فشلوا في اغتيال "صلاح الدين" جسدياً، فإنهم يسعون إلى تشويه تاريخه واغتياله معنوياً، فما من نقيصة إلا وألحقوها بصلاح الدين، وأوضح مثال على ذلك كتاب ((صلاح الدين الأيوبي بين العباسيين والفاطميين والصليبيين)) لحسن الأمين أحد مؤرخي الشيعة ومنظري حزب الله في لبنان.

والقارئ لهذا الكتاب المذكور يخرج منه بالنتائج التالية عن "صلاح الدين الأيوبي":

- جميع من ترجم لصلاح الدين وأشاد بأعماله وأخلاقه إنما خدرتهم انتصاراته.

- صلاح الدين الأيوبي طالب للسلطة والملك، وقد حازهما بكل خسة ونذالة، وطامح لمجد شخصي ناله بالغدر والخيانة.

- صلاح الدين الأيوبي خائن ومستسلم.

- صلاح الدين الأيوبي متعطش للدماء ونهاب الأموال.

- صلاح الدين الأيوبي رجل سكير ومدمن للخمر.

- والأخطر أن صلاح الدين الأيوبي كان ميالاً للنصرانية واليهودية.

إلى غير ذلك من الدعاوى الباطلة التي اعتمد المؤلف في ذكرها على مصادر غربية أو يهودية أو شيعية أو روايات مرسلة لا سند لها، فضلاً عن منهجه في ليّ الحقائق وطمس الواضحات وتضخيم الصغائر ولا أدل على منهجه الفاسد من أن نعلم أن هذا المؤلف ذاته ذهب في كتابه ((موسوعة المعارف الإسلامية الشيعية)) إلى إنكار وجود أخريات لرسول الله صلى الله عليه وسلم سوى فاطمة رضي الله عنها وما ذلك إلا لدعم فكرة الإمامة لدى الشيعة الاثنى عشرية.

ويدافع المرجع الشيعي العراقي "ناصر الأسدي" عن كتاب "حسن الأمين" زاعماً أنه لم يأت بشيء من عنده إنما هي المصادر والوقائع التاريخية، الأمر الذي يؤكد أن هذا الموقف من صلاح الدين الأيوبي ليس موقفاً منفرداً، بل هو موقف جماعي لدى الشيعة. ونرى كاتباً آخر من كتّاب الشيعة، وهو الشيعي المصري "صالح الورداني" يعتبر صلاح الدين الأيوبي" هو واحد من أولئك الذين غطت السيوف على انحرافاتهم وحجبت عن أعيننا مساوئهم وغمرت بالدماء التي أسالتها جسد الحقيقة" (٤)، ثم يفيض في السب والهجاء لصلاح الدين الأيوبي حتى يصوره لنا مجرماً سفاكاً لدماء المسلمين متساهلاً مع اليهود والنصارى، محارباً للعلم والعلماء.

وهكذا نرى أن الشيعة المعاصرين لم يبقوا شيئاً لصلاح الدين الأيوبي حتى أنهم شككوا في إسلامه وألمحوا إلى ردته، وليس ذلك بمستغرب على من تطاول على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى أمهات المؤمنين.

ماذا قدم الشيعة لفلسطين؟


(١) ((السلوك لمعرفة دول الملوك)) (٦/ ٦١).
(٢) راجع في تفاصيل محاولتي اغتيال صلاح الدين على أيدي الحشاشين في حلب وعزاز الروضتين في ((أخبار الدولتين)) الجزء الأول، القسم الثاني (ص: ٦٥٩ - ٦٦١).
(٣) ((السلوك لمعرفة دول الملوك)) (١/ ١٠١).
(٤) ((الشيعة في مصر)) (ص: ٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>