للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما قاله ابن عربي في تقريره حول الله تعالى عن كلامه في المرأة أن الأمر بالغسل؛ لأن الحق غيور على عبده أن يعتقد أن يلتذ بغيره، فلهذا أحب النبي صلى الله عليه وسلم النساء لكمال شهود الحق فيهن، إذ لا نشاهد الحق مجرداً عن المراد، فشهود الحق في النساء أعظم شهود وأكمله، وأعظم الوصلة والنكاح قال: فمن جاء لامرأته أو لأنثى بمجرد الالتذاذ ولكن لا يدري بمن كما قال:

صح عند الناس أني عاشق ... غير أنهم لا يعرفوا عشقي لمن

كذلك هذا أحب الالتذاذ فأحب المحل الذي يكون فيه، - هو المرأة -، ولكن غاب عنه روح المسألة فلو علمها لعلم بمن التذ؟ ومن التذ؟ وكان كاملاً قال من شاهد الحق في المرأة كان شهوده في منفعل وهو أعظم الشهود ويكون حباً إلهياً" (١).

ومن هذا المفهوم الباطل تجرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأساء الأدب في حقه وافترى عليه بما لا يقدم عليه مسلم يعرف ولو شيئا يسيراً عن الإسلام وعن نبيه العظيم الذي اعترف له كل من عرفه أو سمع عنه بأنه خير منقذ للبشرية، عابداً لربه حق عبادته، متواضعاً، بالمؤمنين رءوف رحيم، لكن ابن عربي يقرر حسب مذهبه الرديء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يحب النساء لكمال شهود الحق فيهن، وحاشا رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا البهتان. بل قرر زعماء الإباحية والزنادقة العتاة ابن عربي وابن الفارض وغيرهما أن الله تعالى يتجلى في كل صورة حسنة في صورة الرجل أو المرأة فيكون فاعلاً ومفتعلاً – تعلى الله عن كفرهم وإلحادهم علواً كبيراً، وأن الله تجلى في صور العاشقات والمعشوقات (٢)، ويطول النقل عنهم ولو أردنا ذلك مما يأباه الدين وتشمئز منه النفوس وتمجه الفطر السليمة ويأباه الذوق."وفي تفسير الحديث: ((فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به)) (٣)

"يذكر السهروردي أن المحب يعود بفوائد اكتساب الصفات من المحبوب، أي بحيث تشترك الصفات بين المحب والمحبوب فلا يحصل بينهما أي فارق، ثم استشهد على هذا في الاتحاد والحلول بمبدأ الحلاج:

أنا من أهوى ومن أهوى أنا الخ.

ويقول ابن عطا السكندري في بيان حقيقة الولي:"ولقد سمعت شيخنا أبا العباس رضي الله عنه يقول: لو كشف عن حقيقة الولي لعُبِد؛ لأن أوصافه من أوصافه ونعوته من نعوته" (٤) وقال أيضاً في وجود الله تعالى أنه لا خفاء به ولا حجاب عليه:"كيف يتصور أن يحجبه شيء وهو الذي ظهر بكل شيء" (٥).

وفي الشطحات الصوفية وجرأتهم على قول كل ما يريدون ما لا يخفى على طلاب العلم.

ومما يذكر في سيرة ابن عربي أنه شغف حين كان بمكة بحب امرأة هي ابنة رجل يسمى الشيخ مكين الدين أبي شجاع زاهر بن رستم بن أبي الرجاء الأصفهاني، ووصفها بأوصاف من الغزل بجمالها ما لا يحتمل المقام ذكره هنا ضمنه كتابه (ترجمان الأشواق)، ثم شرحه بطلب من رجلين من خاصته فشرحهُ في كتاب سماه (ذخائر الأعلاق).


(١) كتاب ابن عربي الصوفي (ص ٢٧٠) نقلا عن العلم الشامخ (ص ٥٥٠).
(٢) ((ترجمان الأشواق)) لابن عربي، و ((فصوص الحكم)) له، وانظر ما ينقله عنهم د. صابر طعيمة في الصفحات من (١٦٥ – ١٨٣).
(٣) رواه البخاري (٦٥٠٢)
(٤) ((لطائف المنن)) (ص ٩٥).
(٥) ((لطائف المنن)) (ص ١٠٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>