للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"الحجة الأولى: أنه لو لم يكن الكلام قديما للزم أن يتصف في الأزل بضد من أضداده، إما السكوت وإما الخرس، ولو كان أحدهما قديما لامتنع زواله وامتنع ان يكون متكلما فيما لا يزال، ولما ثبت أنه متكلم فيما لم يزل ثبت أنه لم يزل متكلما، وأيضا فالخرس آفة ينزه الله عنها. والحجة الثانية: أنه لو كان مخلوقا لكان قد خلق إما في نفسه، أو في غيره،، أو قائما بنفسه، والأول ممتنع، لأنه يلزم أن يكون محلا للحوادث والثاني باطل، لأنه يلزم أن يكون كلاما للمحل الذي خلق فيه، والثالث باطل لأن الكلام صفة والصفة لا تقوم بنفسها، فلما بطلت الأقسام الثلاثة تعين أنه قديم" (١).والحجة الثانية هي الحجة المشهورة التي بنوا عليها مذهبهم في كلام الله وفي الصفات الاختيارية وهي مسألة حلول الحوادث التي منعوها (٢).وهاتان الحجتان هما من حجج الأشاعرة القديمة جاءت على يد الأشعري (٣). وتلقفها أتباعه من بعده. وقد ناقش شيخ الإسلام هاتين الحجتين بتفصيل ووضوح، وبين ما فيهما من حق وهو الدلالة على إثبات صفة الكلام لله وقدم نوعه، وما فيهما من باطل وهو الزعم بأنها تدل أن الله لا يتكلم بمشيئته وقدرته (٤). ونقاش شيخ الإسلام لذلك طويل ومهم، ويمكن تلخيصه بما يلي:


(١) ((مجموع الفتاوى)) (٦/ ٢٩١).
(٢) انظر: ((التسعينية)) (ص: ١٠١ - ١٠٢)، و ((مجموع الفتاوى)) (٦/ ٥١٩).
(٣) انظر: ((الإبانة)) (ص: ٦٦ - ٦٧، ٧٢) – ت فوقية، و ((اللمع)) (ص: ١٧) – ت مكارئي.
(٤) انظر: هذه المناقشة في ((مجموع الفتاوى)) (٦/ ٢٩٢ - ٣٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>