للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إن جبريل عليه السلام نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم أولا بالشريعة، فلما تقررت ظواهر الشريعة واستقرت نزل إليه بالحقيقة المقصودة، والحكمة المرجوة من أعمال الشريعة، هي: الإيمان والإحسان، فخص رسول الله صلى الله عليه وسلم بباطن الشريعة بعض أصحابه دون البعض. وكان أول من أظهر علم القوم وتكلم فيه سيدنا علي كرم الله وجهه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ... ثم انتشر هذا الطريق انتشارا لا ينقطع حتى ينقطع عمر الدنيا (١).

وأوردوا في كتبهم تلك الرواية الشيعية بعينها، التي نحن ذكرناها منهم عن علي رضي الله عنه أنه قال: (علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين بابا من العلم لم يعلم ذلك أحد غيري (٢).

وهناك روايات شيعية أخرى كثيرة أوردها المتصوفة في كتبهم ومؤلفاتهم (٣)، مؤيدين لها، مؤمنين بها، مستدلين منها، مثل هذا الحديث الموضوع: ((أنا مدينة العلم وعلي بابها)) ((٤).

ومنها ما رووه (٥) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه كذبا عليه أنه قال: ((كنا نمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم فانقطع نعله، فتناولها علي يصلحها، ثم مشى، فقال: يا أيها الناس، إن منكم من يقاتله علي على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله)) ((٦).ومثل ذلك ذكر عبد الرحمن الصفوري في كتابه (نزهة المجالس ومنتخب النفائس (٧).

وقال ابن الفارض في تئيته: (وأوضح بالتأويل ما كان مشكلا عليّ بعلم ما ناله بالوصية (٨).

وهذا تشيع محض بدون شك ولا شبهة.


(١) ((جمهرة الأولياء)) لأبي الفيض المنوفي الحسيني (١/ ١٥٩).
(٢) انظر ((درر الغواص على فتاوى سيدي علي الخواص)) (ص ٧٣) بهامش ((الإبريز)) للدباغ. ط مصر.
(٣) انظر ((مطالع المسرات)) لمحمد المهدي بن أحمد. ط مصطفى البابي الحلبي ١٩٧٠م.
(٤) رواه الحاكم (٤٦٣٧) والطبراني (١١٠٨٣) والعقيقلي في ((الضعفاء)) (٥/ ٤٥٧) قال الهيثمي في ((المجمع)) (٩/ ١١٤) فيه عبد السلام بن صالح الهروي وهو ضعيف، وقال الحاكم إسناده صحيح، وقال الذهبي بل موضوع، وقال العقيلي لا يصح في هذا المتن حديث، وقال القرطبي في التفسير (٩/ ٣٣٦) باطل، وقال الدارقطني في ((العلل)) مضطرب غير ثابت، وقال الترمذي: منكر، وكذا البخاري، وقال: إنه ليس له وجه صحيح، وقال ابن معين فيما حكاه الخطيب في ((تاريخ بغداد)) إنه كذب لا أصل له، وأورده ابن الجوزي في ((الموضوعات)) وأشار إلى هذا ابن دقيق العيد، بقوله: هذا الحديث لم يثبتوه، وقيل: إنه باطل، وكذلك أورده ضمن الموضوعات كل من الشوكاني وابن عراق والألباني. قال يحيى بن معين في ((سؤالات ابن جنيد)) ص (١٨٥): كذب ليس له أصل. وقال الإمام أحمد في ((تاريخ بغداد)) (١١/ ٤٩): (فيه) فيه أبو الصلت روى أحاديث مناكير. وقال ابن حبان في (المجروحين) (٢/ ١٣٦): لا أصل له. وقال ابن تيمية في ((مجموع الفتاوى)) (١٨/ ٣٧٧): ضعيف بل موضوع.
(٥) ((جمهرة الأولياء)) لأبن الفيض المنوفي الحسيني (٢/ ٢٨).
(٦) الحديث رواه أحمد (٣/ ٣٣) (١١٣٠٧) والنسائي في ((الكبرى)) (٥/ ١٥٤) وابن حبان (١٥/ ٣٨٥) (٦٩٣٧) والحاكم (٣/ ١٣٢) (٤٦٢١) وأبو يعلى (٢/ ٣٤١) (١٠٨٦) قال الحاكم صحيح على شرط الشيخين ومثله الذهبي وقال الهيثمي في ((المجمع)) (٥/ ١٨٦) رجال أبي يعلى رجال الصحيح، وصححه الألباني في ((الصحيحة)) (٢٤٨٧)
(٧) انظر (ص ٢٠٩). ط دار الكتب العلمية بيروت لبنان.
(٨) ((ديوان ابن الفارض)) (ص ٨١). ط مكتبة القاهرة ١٣٩٩ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>