للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن أقوال الغزالي السابقة يتضح لنا بأن القوم يدعون بأن لهم علوما خاصة وأن هذه العلوم يحصلون عليها من قبل الله عز وجل عن طريق قذفها في قلوبهم وعلى هذا فالقوم لهم علوم أخرى يطلبون الهداية إلى الحق والصواب عن طريقها وليس لهم أي حاجة لإتعاب أنفسهم في الدراسة ما داموا يتلقون العلوم الربانية بطريقة سريعة وهي القذف في القلوب ولكن من المؤكد أن قول المتصوفة هذا إنما هو مجرد ادعاء فقط وإلا فليس لهم علوم يحصلون عليها عن طريق القذف في القلوب كما يدعون وبالتالي تهديهم إلى الحق والصواب والصراط المستقيم وإنما من الممكن أن يكونوا يتلقون علوما من قبل الشياطين لأن الشياطين أيضا لهم وحي شيطاني كما قال الله عز وجل وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إلى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ [الأنعام: ١٢١] وإلا فليس لدينا في الإسلام وحي غير الوحي الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من عند الله وقد ختمت النبوة فكل من يدعي أنه يحصل على علم غير العلم الذي جاء به رسول الله فقد كذب وافترى على الله فرية عظيمة ولو نظرنا وفكرنا جيدا فسنجد بأن المتصوفة ادعوا هذا الادعاء من أجل التعمية على العوام من الناس حيث إن المتصوفة يفسرون الكتاب بأهوائهم تفسيرا يختلف تماما مع التفسير الذي فسره العلماء للقرآن الكريم وإذا سئلوا قالوا: إن هذا علم الباطن الذي لا يعلمه إلا الخاصة من أوليائه وبهذا القاعدة هدموا كثيرا من أمور الشريعة وسنتناول هذه الفرية ألا وهي ادعاء الصوفية بأن للقرآن ظاهرا وباطنا في موضعها وسنوضح بأنها محض افتراء لا أساس لها من الصحة حينما نتعرف للعامل الثاني من العوامل التي أدت إلى انحراف المتصوفة إن شاء الله

الطريق الثاني الذي يطلب المتصوفة الهداية عن طريقه هي الكشوفات التي يزعمونها:

يعتقد كثير من المتصوفة بأن كل من انتسب إلى أي طريقة من الطرق الصوفية تحصل له المكاشفات والمشاهدات وتنزل عليه علوما من الله سبحانه وتعالى وذلك بشرط أن يجهد نفسه بقطع الرياضيات الشاقة التي ابتدعها المتصوفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>