للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أنكر الله سبحانه وتعالى أن يستوي العالمون والجاهلون فقال تعالى أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الألْبَابِ [الزمر: ٩]

وأما الأدلة من السنة في الحث على طالب العلم وفضله فكثيرة جدا وإليك نبذة منها: الحديث الأول: حديث معاوية رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((من يرد الله به خيرا يفقه في الدين وإنما أنا قاسم والله يعطي ولن تزال هذه الأمة قائمة على أمر الله لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله)) (١).الحديث الثاني: الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه حيث قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة)) (٢). وقال الترمذي عنه: حديث حسن. الحديث الثالث: الحديث الذي رواه أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع)) (٣).الحديث الرابع: الحديث الذي رواه ابن عباس رضي الله عنهما قال: ضمني رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: ((اللهم علمه الكتاب)) (٤).

فالآيات والأحاديث السابقة التي أوردتها هنا كلها تفيد بأن الإسلام دعا إلى العلم ورفع من شأن العلم وشأن أهله ووعد على طلبه الأجر العظيم والثواب الجزيل وأن كل دعوة إلى الابتعاد عن العلم والتنفير منه ما هي إلا محادة لله ولرسوله وتدمير وقتل لمواهب الأمة الإسلامية لأنه ما من أمة ابتعدت عن العلم إلا وانتشر فيها الجهل وأي أمة انتشر فيها الجهل فإنها تدمر وتصبح لقمة سائغة لأعدائها.

ولم يدع الصوفية إلى الابتعاد عن العلم الصحيح إلا ليصبح الناس جهلة حتى تسهل قيادتهم إلى حيث يشاءون وينشرون فيهم أفكارهم الخرافية الوهمية التي لا تستطيع أن تثبت أمام الحقائق العلمية ولذا نرى دائما زعماء الطرق الصوفية يحاربون علم الكتاب والسنة لأنهم يعلمون يقينا بأنهم لا وجود لهم ولا لأفكارهم الضالة إذا فهم الناس دينهم كما أنزل على الرسول صلى الله عليه وسلم من عند الله عز وجل لأن أفكار الصوفية لا يمكن أن تعيش إلا في الظلام الحالك كالسباع التي لا تخرج إلا ليلا لتبحث عن فريستها فكذلك الصوفية يريدون أن يبقى الناس جهالا حتى يسهل إخضاعهم لهذه الأفكار المنحرفة.

استهزاء الصوفية بعلماء الأمة الإسلامية.

لقد استهزأ الصوفية بعلماء الأمة الإسلامية ووصفوهم بأوصاف تحط من قدرهم وذلك حتى ينفروا الناس عنهم ويسقطوهم من عيونهم وإليك الأدلة على ما أقول:

فقد وصف أحد الصوفية الكبار الطريقة التي نقلت بها السنة النبوية بأنها طريقة لا يسلكها إلا المساكين وصرح بأن الصوفية يأخذون علمهم عن الله مباشرة وإليك نص كلام هذا الصوفي:

فقد قال إبراهيم بن سبتيه: (حضرت مجلس أبي يزيد والناس يقولون فلانا لقي فلانا وأخذ من علمه وكتب منه الكثير وفلانا لقي فلانا فقال أبو يزيد: "مساكين أخذوا علمهم ميتا عن ميت وأخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت" (٥).


(١) رواه البخاري (٧١) واللفظ له ومسلم (١٠٣٧)
(٢) رواه مسلم (٢٦٩٩)
(٣) رواه الترمذي (٢٦٤٧) وقال حسن غريب ورواه بعضهم فلم يرفعه، والطبراني في ((الصغير)) (١/ ٢٣٤) (٣٨٠) وقال تفرد به أبو جعفر الرازي وخالد بن يزيد، وضعفه الألباني
(٤) رواه البخاري (٧٥)
(٥) ((الكواكب الدرية)) للمناوي (١/ ٣٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>