للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكلام أبي يزيد هذا يرمي إلى أمور خطيرة جدا من هذه الأمور أن أبا يزيد بكلامه هذا قلل من شأن الإسناد الذي يعتبر مفخرة عظيمة للأمة الإسلامية دون غيرها بجانب أنه قلل من شأن علماء السنة المشرفة والذين نقلوا إلينا السنة كما قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم والاستهزاء والاستهتار بعلماء الأمة الإسلامية لا يحصل إلا من إنسان في قلبه مرض وكراهية للإسلام والمسلمين ثم إن وصف أبي يزيد للعلوم الإسلامية وعلى رأسها السنة النبوية بأنها نقلت ميتا عن ميت فيه استهزاء بمن شهد لهم القرآن بالجن وأخبرنا الله بأنه رضي عنهم وهم الصحابة الكرام وهذا يعتبر أكبر جريمة.

ثم إن ادعاء أبي يزيد بأنه أخذ علمه هو وجماعته الصوفية الكذابون عن الله ما هو محض افتراء على الله عز وجل فنحن المسلمون نعتقد بأنه لا نبي ولا رسول بعد النبي صلى الله عليه وسلم لأن الله عز وجل يقول مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا [الأحزاب: ٤٠]

وبما أن الله عز وجل أخبرنا بأنه لا يكلم البشر إلا بالوحي أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء وأبو يزيد البسطامي وأمثاله من المتصوفة الذين يدعون بأنهم يتلقون علومهم من الله ليسوا بأنبياء ولا رسل فدعواهم التلقي المباشر عن الله تصبح دعوى لا أساس لها من الصحة بل هي كذب وافتراء على الله عز وجل ومع ذلك فنحن لا ننكر بأن القوم ربما يوحى إليهم من قبل الشياطين لأن الله عز وجل قد أثبت في كتابه الكريم بأن الشياطين يوحون إلى أوليائهم حيث قال تعالى وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إلى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ [الأنعام: ١٢١]

وقوله تعالى وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ [الأنعام: ١١٢]

وعلى هذا فنحن لا نصدق المتصوفة بأنهم يتلقون علوما عن الله مباشرة وذلك لأن النبوة قد ختمت ولكن نقول لهم إنه من الممكن أن ينزل إليكم الوحي من قبل الشياطين وإلا فليس عندنا في الإسلام دينان دين يتلقاه أبو يزيد وأمثاله من دجاجلة الصوفية عن الله ودين أتى به الرسول الله صلى الله عليه وسلم لا غير.

وممن حمل على أئمة الإسلام وعلمائهم ابن عربي حيث شبههم بأوصاف قبيحة للتقليل من شأنهم فمرة شبههم بفراعنة الرسل ومرة وصفهم بأنهم فاقدو الإدراك ومرة وصفهم بعدم الإنصاف وإليك نصوصا من كتبه: فقد قال: " وما خلق الله أشق ولا أشد من علماء الرسوم على هل الله المختصين بخدمته العارفين به من طريق الوهب الإلهي الذي منحهم أسراره في خلقه وفهمهم معاني كتابه وإشارات خطابه فهم لهذه الطائفة مثل الفراعنة للرسل" (١).


(١) ((الفتوحات المكية)) لابن عربي (٢/ ١٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>