للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما ذاك إلا أنك الفضل كله ... وأنك غوث للأنام ومفزعُ

وأنك يوم العرض حصن وموئل ... رؤوف رحيم شافع ومشفعُ

فيا من عهدناه الوسيلة للورى ... يلبي دعاء المستجير ويسمع

ويا من عهدناه الشفيع إذا دعا إلى ... الموقف الداعي وعم التطلع

سألتك فضلا يسعف القلب والنهي ... يقوم به مثلي ويحيا ويخشع

فجد لي به واعطف فعطفك نعمة ... وكل الورى يصبو إليه ويطمع

ألست لنا بعد المهيمن رحمة ... وبابا لعفو الله والكل يقرع

فيا سيدي إني على الباب قائم ... أموت وأحيا هواك وأولع (١).

فهذه الأبيات إذا نظرنا إليها نظرة فاحصة سنجد فيها أن الرجل وقع في شرك صريح بالله عز وجل حيث صرف للرسول صلى الله عليه وسلم عبادات لا ينبغي صرفها لغير الله عز وجل لأن المعبود هو الله سبحانه وتعالى وحده لا شريك له أما غيره فكلهم عبيد له سبحانه يتصرف فيهم كما يشاء ففي البيت الأول الرجل صرح بأنه إذا أصيب بأي مصيبة يسرع إلى الرسول ويفزع إليه حتى ينقذه مما أصيب به حسب زعمه وكذلك في البيت الثاني وصف الرسول بأن كل من يطلب شيئا يتوجه إلى الرسول وأن هناك وفود تطوف بالرسول وطبعا يقصد قبره ووفود أخرى تتضرع إلى الرسول وفي البيت الثالث صرح الرجل بأنه يناجي الرسول في سره ويدعوه علنا طالبا منه ما يريده، وفي البيت الرابع وصف الرسول بأنه يعلم الغيب ويعلم ما فيه من حالة وأنه بذل جهده لإرضاء الرسول صلى الله عليه وسلم وفي البيت الخامس كما هو واضح وصف الرسول بأنه كل الفضل وأنه مغيث لجميع من في الكون ومفزعهم عند الشدائد وفي البيت السادس وصف الرسول بأنه حصن لجميع المخلوقات وموئلهم يوم القيامة وفي البيت السابع وصف الرسول بأنه وسيلة جميع الورى وأنه يستجيب دعاء من يدعوه ويسمعهم وفي البيت العاشر والحادي عشر صرح الرجل بأن الفضل بيد الرسول وطلب منه أن يجود له به ثم صرح بأن جميع من في هذا الكون يتوجهون إليه ويطمعون في فضله وفي البيت الأخير صرح الرجل بأنه قائم على باب الرسول ويعني به طبعا باب قبره طلبا للمغفرة والرحمة وقضاء جميع ما يحتاجه. وهكذا غلا المتصوفة في الرسول صلى الله عليه وسلم حتى أعطوه أمورا لا يملكها إلا الله عز وجل حيث تجاوزوا به حدود البشرية وأوصلوه إلى حدود الألوهية والربوبية فتوجهوا إليه بأنواع العبادات رغم أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهي عن الغلو وحذر منه تحذيرا شديدا منها حديث ((لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله)) (٢).


(١) ((التوسل والزيارة)) لمحمد الفقي (ص: ١٣٤).
(٢) رواه البخاري (٣٤٤٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>