للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي حديث آخر: قال الرسول صلى الله عليه وسلم ((الدعاء هو العبادة)) (١).وفي حديث آخر: قال الرسول صلى الله عليه وسلم ((الدعاء مخ العبادة)) (٢).

وأما ادعاء الصوفية بأن أحد مشايخهم نظر إلى ملك الموت وهو يصعد بالأرواح في زنبيل ثم أخذها منه ورجعت الأرواح إلى أصحابها وأن أحد مشايخهم أنقذ سفينة من الغرق وهو جالس في مكانه بالإضافة إلى إنقاذ إنسان آخر استغاث به فهذه كلها ادعاءات كاذبة مبنية على الكذب المحض لا أساس لها من الصحة ولا يمكن أن يقبلها إنسان به أقل شيء من العقل السليم من التأثر بالخرافات الصوفية وأوهامهم الفاسدة ولذا لا نريد أن نطول في الرد عليها بل نقول بإيجاز شديد إن علم الغيب مختص بالله سبحانه وتعالى ولا يمكن لأحد أن يعلم الغيب كائنا من كان.

كما قال تعالى عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا [الجن: ٢٦ - ٢٧] ومشايخ الصوفية ليسوا أنبياء ولا رسلا حتى يدعي أتباعهم بأنهم يوحى إليهم عن الله ولذا نقول بأن ادعاء الصوفية بأن مشايخهم يشاهدون ما في هذا الكون وهم جالسون في مكانهم لا أساس له من الصحة بل محض دجل وافتراء متعمد لتضليل العوام بتهويل قدر مشايخ الصوفية في أعينهم حتى يصرفوهم عن عبادة الله الواحد القهار إلى عبادة القبور والأحجار.

وأما زعم هذا الصوفي بأن أحد مشايخ الصوفية أخذ الأرواح من ملك الموت وردها إلى أصحابها فهذا يجر الصوفية إلى الاعتقاد بأن أحدا ما من المخلوقات باستطاعته منازعة الله في قضائه وقدره وذلك لأن من المعلوم والواجب اعتقاده بأن كل شيء يقع في هذا الكون بقضاء الله وقدره وأن الله سبحانه وتعالى قد حدد الآجال والأرزاق فكل ميت لا يمكن أن يموت قبل اليوم الذي قدره الله له ولا يمكن أن يحيا كذلك بعدها ولو لحظة ومن الأدلة في هذا المجال الآيات التالية:

قوله تعالى إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ [القمر: ٤٩]

وقوله تعالى وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا [الفرقان: ٢]

مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأرْضِ وَلا فِي أَنفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [الحديد: ٢٢]. إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاء لا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [نوح: ٤]

وقوله تعالى فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ [النحل: ٦١]

ولهذا نقول إن زعم هذا الصوفي بأن شيخه أخذ الأرواح وردها إلى أصحابها ليس بصحيح وإنما هو كذب وافتراء على الله ويلزم أصحاب هذا القول الاعتقاد بأن المخلوق يستطيع أن يغالب الله في قضائه وقدره وهذا يعتبر شركا في توحيد الربوبية وذلك لأن من أقسام التوحيد هو إفراد الله في ربوبيته والله سبحانه وتعالى قد قدر كل الأشياء قبل أن يظهرها لنا ومما يدل على ذلك قوله تعالى مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأرْضِ وَلا فِي أَنفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [الحديد: ٢٢].


(١) رواه أبو داود (١٤٧٩) والترمذي (٢٩٦٩) وابن ماجه (٣٨٢٨) وابن حبان (٣/ ١٧٢) (٨٩٠) والحاكم (١/ ٦٦٧) (١٨٠٢) وقال صحيح الإسناد وقال الترمذي حسن صحيح، وصححه الألباني
(٢) رواه الترمذي (٣٣٧١) والطبراني في الأوسط (٣/ ٢٩٣) (٣١٩٦) قال الترمذي غريب من هذا الوجه لا نعرفه إلا من حديث ابن لهيعة، وقال الطبراني لم يرو هذا الحديث عن أبان إلا عبيد الله تفرد به بن لهيعة، وضعفه الألباني

<<  <  ج: ص:  >  >>