للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس هذا الانحراف عن جادة أهل السنة خاص بالرفاعية وإنما هو عام في العديد من فرق التصوف ورجالاتها. فلقد نقل الشعراني عن الشيخ حسن العراقي أنه اجتمع بالمهدي الحق وسأله عن عمره فقال له المهدي: «ولدت في أواخر المائتين من الهجرة، وعمري ستمائة سنة وأنا من ولد الإمام الحسن العسكري. قال الشعراني: هكذا أخبرني والله أعلم بحقيقة الحال. (١) غير أن الشعراني صرح في موضع آخر بأنه سأل الكمل من مشايخ التصوف فأجابوا بنفس ما قاله المهدي المزعوم سواء بسواء. (٢)

- مشاهد الأئمة ومقابرهم عند الفريقين

وكذلك نجد التوافق الرفاعي الشيعي في شد الرحال إلى مقابر الأئمة وأخذ العلوم منهم والالتقاء بهم حيث يؤمنون بأنهم يخرجون من قبورهم متى شاؤوا لقضاء حوائج المستغيثين بهم.

ولقد كان كتاب (بوارق الحقائق) للمهدي الرواس الرفاعي من أقرب الكتب الرفاعية الداعية إلى التشيع حيث سطر فيه تنقلاته الكثيرة بين قبور أئمة أهل البيت وذكر أنهم كانوا يخرجون من قبورهم واحداً واحداً أمامه، بل خرج له الأنبياء وأعطوه علوم الجفر وغيرها. ولقد جاء فيه وصف قبر الشيخ أحمد الصياد بأنه: زيتونة لا شرقية ولا غربية «بتولية فاطمية سبطية محمدية عابدية باقرية جعفرية كاظمية مرتضوية أحمدية» (٣).وقد دفع الغلو بالصيادي إلى اعتبار قبر نبينا الكريم عليه الصلاة والسلام أفضل من الجنة بل من عرش الرحمن ومن كرسيه. (٤) وادعى على السلف الصالح أنهم اتخذوا مقابر أهل البيت والتوجه إليهم والتوسل بجاههم إلى الله ذريعة لقضاء حوائجهم. وأن الناس قد جربوا في المشرق والمغرب مقابر أهل البيت فوجدوها بابا لدفع الأكدار، وسلما لبلوغ الأوطار. ثم أنشأ يقول (٥):

جئت بطيبة والغرى وكربلا ... والطوس والزورا وسامراء

ما زرتهم في حاجة إلا انقضت ... وتبدل الضراء بالسراء

والشيعة كذلك يقدسون قبور أئمتهم، ويجدون عندها من الخشوع والرقة ما لا يجدونه في المساجد والصلوات. ويعتبرونها بابا لقضاء الحاجات وكشف الكربات فإن أئمتهم قائمون بمصالح العباد وهم في قبورهم.

- مراتب الأولياء ومراتب الأئمة: وأما تقسيم الأئمة إلى أقطاب وأبدال وأوتاد وأنجاب وأغواث فإنه نظير تقسيم الباطنية للأئمة إلى الناطق والتالي والأساس والسابق ولكل وظيفته في الكون. وقد أخذ الصوفية فكرة النقباء الإثنى عشر من الإسماعيلية وكذلك فكرة أنهم لا يزيدون ولا ينقصون. (٦)

وكذلك يتوافق كل من الفريقين في استخدام ألقاب مخصصة للأئمة مثل لفظ:


(١) ((لطائف المنن والأخلاق في التحدث بنعمة الله على الإطلاق)) (٤٨٩ – ٤٩٠).
(٢) ((الأنوار القدسية في بيان آداب العبودية)) (١/ ٤، ٥، ٢/ ١٣٩) على هامش ((طبقات الصوفية)) له أيضاً. ط: المكتبة الشعبية - القاهرة ١٩٥٤.
(٣) ((بوارق الحقائق)) (٥٦ – ٥٧).
(٤) ((قلادة الجواهر)) (ص١٠٤).
(٥) ((قلادة الجواهر)) (ص ٤٣٩).
(٦) ((الفتوحات المكية)) (٢/ ٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>