للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والكافر في اعتقادهم يمسخ في كل شيء ما عدا الصورة البشرية وذلك لما سبقه من الكفر والجحود والإنكار لأهل الحق - وهم النصيرية - فيعاقب ويعذب بتركيبه بكل شيء ما عدا الصورة البشرية الإنسانية من بقر وغنم وإبل وطير وهوام وكل ذي روح من قردة وخنازير مما يؤكل ولا يؤكل وهذا في نظرهم هو المسخ والنسخ, فالذي يؤكل منه هو نسخ والذي لا يؤكل هو مسخ, وهذا كله - كما يزعمون - عدل من الله عز وجل لهؤلاء الجاحدين لأهل الحق لقوله تعالى يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ [الانفطار: ٦ - ١١] , فمسخهم الله لتكذيبهم بالدين لأن (الدين) (١) المذكور في الآية الكريمة - كما يزعمون - هو أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب. (٢) والتناسخ الذي يقع على الكافر بديانتهم يجري عليه ألف موتة وألف ذبحة وذلك عن طريق المسخ والنسخ ويستدلون على ذلك بآيات منها قوله تعالى عَلَى أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذكَّرُونَ [الواقعة: ٦١ - ٦٢] , وقوله تعالى فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ [الإنفطار: ٨] وقوله جل وعلا قُل كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا أَوْ خَلْقًا مِّمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيبًا [الإسراء: ٥٠ - ٥١] , ويعتبرون (الخلق الذي يكبر في الصدور) الذهب والفضة باعتبارهما من معادن الجبال لقوله تعالى وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ [فاطر: ٢٧] , فالجبال في نظرهم هم الجبابرة والطواغيت الذين ظلموا أهل الحق - النصيرية - فمسخوا على هذه الحالة, حتى ينتهي هذا الدور, فيمسخوا مرة أخرى حيوانات تؤكل وتشرب (٣).ويبقى عذاب المسخ والنسخ على الكافر بدينهم في جميع الأدوار إلى أن يظهر القائم الغائب - وهو محمد بن الحسن العسكري - فيرد هؤلاء في صورة الإنسانية, ثم يقتلهم من جديد فتجري الأودية بدمائهم كما يجري الماء (٤).والكافر قبل ظهور القائم ينادي ويصرخ أن يخرجه الله من العذاب الواقع عليه بالمسخ والنسخ وأن يعيده إلى الصورة الإنسانية ليؤمن بدينهم ويعمل صالحا ويستدلون على ذلك بقوله تعالى وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ [فاطر: ٣٧] , فالكافرون يقولون لربهم أخرجنا من الأبدان المسوخية ومن هذا العذاب إلى الأبدان الناسوتية لكي نعمل صالحا (٥)


(١) كتاب ((الهفت والأظلة)) (ص ٧٤,٧٥).
(٢) كتاب ((الهفت والأظلة)) (ص ٧٤,٧٥).
(٣) كتاب ((الصراط للمفضل)) الجعفي – ((مخطوط – ورقة ٥٣أ, ب).
(٤) كتاب ((الصراط)) للمفضل الجعفي – ((مخطوط – ورقة ٥٣أ, ب).
(٥) كتاب ((الهفت والأظلة)) الجعفي (ص ٦٦) ..

<<  <  ج: ص:  >  >>