للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان الغالب عليه السخاء، وربما بخل بما لم يبخل به أحد قط، وأقام يلبس الصوف سبع سنين، وامتنع عن دخول الحمام، وأقام سنين يجلس في الشمع ليلاً ونهارًا، ثم عنَّ له أن يجلس في الظلمة فجلس فيها مدة، وقتل من العلماء والكتاب والأماثل ما لا يحصى، وكتب على المساجد والجوامع سب أبي بكر وعمر وعثمان وعائشة وطلحة والزبير ومعاوية وعمرو بن العاص رضي الله عنهم في سنة خمس وتسعين وثلثمائة، ثم محاه في سنة سبع وتسعين. وأمر بقتل الكلاب، وبيع الفقاع (١) ثم نهى عنه، ورفع المكوس (٢) عن البلاد وعما يباع فيها، ونهى عن النجوم وكان ينظر فيها. ونفى المنجمين، وكان يرصدها ويخدم زحل وطالعه المريخ، ولهذا كان يسفك الدماء (٣).وبنى جامع القاهرة، وجامع راشدة على النيل بمصر، ومساجد كثيرة، ونقل إليها المصاحف المفضضة، والستور الحرير، وقناديل الذهب والفضة، ومنع من صلاة التراويح عشر سنين، ثم أباحها. وقطع الكروم ومنع من بيع العنب، ولم يبق في ولايته كرمًا، وأراق خمسة آلاف جرة عسل في البحر، خوفًا من أن تعمل نبيذًا، ومنع النساء من الخروج من بيوتهن ليلاً ونهارًا) (٤).ويروي ابن خلطان عن الحافظ أبي الطاهر السِلَفي (٥):


(١) شراب يتخذ من الشعير، يعلوه الزبد والفقاعات، ويشبه (البيرة) في الوقت الحاضر.
(٢) الجمارك.
(٣) كذا في مرأة الزمان، ولا يخفى ما في ذلك من مخالفة للشرع، فإن النجوم والمطالع لا ينسب إليها فعل أحد، فقد كان سفاكا للدماء بفعله القبيح، ونفسه المجرمة. ومن اعتقد في النجوم خلاف ذلك من تأثير على الناس في الحظوظ والسعادة والشقاء فقد كفر بما نزل على محمد صلى الله عليه وسلم.
(٤) ابن تغرى بردي ((النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة)). (ص ١٧٦ – ١٧٧).
(٥) هو الحافظ أبو الطاهر أحمد بن محمد السلفي، بكسر السين وفتح اللام، ولد في أصبهان سنة ٤٧٥ على الأرجح وطلب الرحلة للحديث حتى استقر في الإسكندرية. توفي سنة ٥٧٦ / انظر أبو الطاهر السلفي / د. حسن عبد الحميد صالح.

<<  <  ج: ص:  >  >>