للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومسجد ريدان، دليل على حجة الكشف القائم بالسيف والعنف، الداعي إلى التوحيد المنكر عند سائر العالمين، كما نطق عبد مولانا جل ذكره في القرآن على لسان الناطق السادس (يوم يدع الداع إلى شيء نكر)، وهو عبادة مولانا جل ذكره وتوحيده، الذي أنكره سائر النطقاء والأسس أئمة الكفر، كما قال عبد مولانا – جل ذكره – في كتابه (قاتلوا أئمة الكفر، إنهم لا أيمان لهم، لعلهم ينتهون).أراد لا أيمان لهم بمعرفة مولانا – جل ذكره – والإِيمان هو التسديق (التصديق) (١).

وتوحيد مولانا – جل ذكره – صعب مستصعب، لا يحمله نبي مرسل، ولا وصي مكمل، ولا إمام معدل، ولا ملك مفضل. بل يحمله قلب صاف لبيب، أو موحد راغب من الأديان والطرائق، وعبد مولى الأساس والناطق، ومبدع التالي والسابق الحاكم على جميع النطقاء والشرائع، المنفرد عن جميع المخلوقات والبدائع. ولكل شيء ضد بين يديه، فبإزاء الباطل، الذي هو جنة العصاة، وهو دليل على الناطق حتى يرفع وهو مسجد ريدان، وهو ذو معة، وبإزاء الحق الذي هو جنة المختص وهو التالي باطل يطلب فساده، وهو مسجد تبر، وهو الناطق، والمولى جل ذكره ينصر أولياءه، ويهلك أعداءه، ويتم نوره ولو كره المشركون المتعلقون بعلي بن عبد مناف (٢)، والكافرون المتعلقون بالناطق وعدمه.

وريدان خمسة أحرف، دليل على خمسة حدود، النفسانيين، والنورانيين، والروحانيين، والجرمانيين، والجسمانيين. وهو ذو معة العقل الكلي النفساني، وذو مصة، النفس الروحاني والجناح الرباني، والأيمن الباب الأعظم، وهو السابق والتالي، معدن العلوم ومنه ابتناؤها.

وريدان كلمتان، (ري) و (دان)، و (ري) الأشياء وهم الحجج والدعاة والمأذونين والمكاسرين، كما قال عبد مولانا جل ذكره (وكل شيء أحصيناه في إمام مبين)، الأشياء الحقيقية، والذي الأزلي، والتوحيد الأبدي على يد ريدان، يوم الدين، وهو عبد مولانا ومولى الخلق أجمعين، جل ذكره، وعز اسمه، ولا معبود سواه، سبحانه جل وعلا أن يكون ديان أو سلطان أو برهان أو الله أو الرحمن، إذ كان الكل عبيده في سائر الأدوار، المستغفرين له في الليالي والأسحار، العابدين له طوعًا وكرهًا في العيان، سبحانه عن إدراك الأوهام والخواطر، أو يعرف الإِعلان والسرائر، أو بباطن أو بظاهر، إذ كان لا يدرك بعض ناسوته، وقدرة مقام جبروته، وعظم جلال لاهوته. وما من المساجد مسجد سقطت قبته، وهو المسجد بكماله غير مسجد ريدان، فأمر مولانا سبحانه وتعالى بإنشاء قبته، وزاد في طوله وعرضه وسموه دليل على هدم الشريعة الظاهرة على يد عبده الساكن فيه (٣). وإنشاء توحيد مولانا جل ذكره فيه بالحقيقة ظاهرًا مكشوفًا، وابتداء الشريعة الروحانية في بسيط روحاني توحيدي لاهوتي حاكمي لا يعبدون غيره وحده، ولا يشركون به أحدًا في السر والإِعلانية، سبحانه وتعالى عما يقول المشركون علوًا كبيرًا (٤).

ثم إن مولانا علينا سلامه ورحمته، ظهر لنا في الناسوت البشرية، ونزوله عن الحمار إلى الأرض، وركوبه محاذي باب المسجد، دليل على تغيير الشريعة، وإثبات التوحيد، وإظهار الشريعة الروحانية على يد عبده حمزة بن علي بن أحمد، ومملوكه وهادي المستجيبين المنتقم من المشركين، بسيف مولانا وشدة سلطانه، وحده لا شريك له.


(١) وجدت على هامش إحدى المخطوطات بخط الأستاذ زهير الشاويش – في مكتبته الخاصة – (أن كتابة الدروز الكلمة التصديق بالسين بدلا من الصاد في كل كتبهم مرتبط عندهم بحساب (الجمل) المستعمل عندهم وعند بعض المتصوفة لأغراض لا مجال لذكرها.
(٢) يلاحظ هنا أنه نسب عليا إلى جده.
(٣) كان حمزة يسكن في هذا المسجد.
(٤) يقصد الآية الكريمة سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا * الإسراء: ١٧ *.

<<  <  ج: ص:  >  >>