للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي مصحف الدروز يدعي أن العباد كانوا يتوسلون ظهور الواحد الأحد، فيقول: (انظروا ثم انظروا، واسترجعوا الأيام السالفة، فكم من العباد كانوا يتوسلون منتظرين ظهور الواحد الأحد، والحاكم الصمد، والفرد بلا عدد، في الهياكل القدسية، على شأن وصفة يعلمها كل من ألقى السمع وهو شهيد.

ها قد تفتحت أبواب العناية، وارتفعت غمة المكرمة، وظهرت شمس الغيب في أفق القدرة.

والآن وبعد الآيات البينات، قمتم على تكذيب ما تنتظرون ورفض أحكم الحاكمين، وفوق كل ذلك، أنكم تبتعدون عن لقائه الذي هو عين لقاء الله، كما صرح به الكتاب: (وجاء ربك والملك صفا صفا).وإلا فقولوا لي أيها الضالون المعاندون: فهل جاء لكم رب غيره مع جنوده، أروني إن كنتم صادقين، أو لم تعاهدوه، وتضعوا أيديكم في يده، أو لم ينادكم، وأخذ عليكم ميثاقًا، وقال: (يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) (وبذلك شهد الكتاب) (١).

لذلك فإنه يعيب على الذين كفروا بالحاكم، ذلك لأن في قلوبهم مرض ويقول: (لقد كبر على الذين كفروا، أن يروا الله جهرة كأمثالهم، وضلت ألبابهم وظنوه كأجسامهم وهياكلهم. إن الذين في قلوبهم مرض، فزادهم الله مرضا، وأمدهم في طغيانهم يعمهون (٢)، وأما الذين آمنوا، وسبقت، منه لهم، كلمة الحسنى، فإنه ظهر لهم ليمنحهم نعم الإِيمان، المكنونة في سدرة المعرفة المخزونة التي استظل بها أولو العزم من الرسل، حتى لا تحرم الهياكل الفانية من أثمار المشاهدة الباقية عساهم يفوزون ويؤتون الحكمة بتجلي ذي الجلال الحاكم) (٣).ولهذا فإن لهم عذابًا شديدًا لكفرهم بدعوة الحاكم، ويقول مصحفهم: (لئن ينتعل أحدكم بنعلين من نار، يغلي بهما دماغه من حرارة نعليه، إنه لأهون، وأدنى عذابًا، من رافض دعوة مولاه الحاكم، بعد إذ تبين الرشد من الغي ... إلى أن يقول: ولو أن من في الأرض استغفر لهم لن يغفر الله مولاهم الحاكم الصمد، والفرد بلا عدد، والواحد الأحد، خطيئاتهم، ولو افتدى أحدهم بما في الأرض جميعًا فلا ينجيه) (٤).

والدروز ينفون عن الحاكم أنه ابن العزيز، أو أبو علي، أو له أب أو ولد، وهذا ما ينفيه حمزة في (رسالة البلاغ والنهاية في التوحيد) ويقول: لأن مولانا سبحانه (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) (وما من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم، ولا أدنى من ذلك إلا هو معهم) (٥) سبحانه وتعالى عن إدراك العالمين والعاليين والملائكة المقربين والناس أجمعين علوا كبيرا.


(١) ((مصحف الدروز عرف الأمر والتقديم))، (ص ١٠ – ١١).
(٢) يلاحظ هنا كيفية اقتباسه الآيتين الكريمتين في سورة البقرة: فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللهُ مَرَضاً *البقرة: ١٠ *، وقوله تعالىاللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ * البقرة: ١٥*.
(٣) ((مصحف الدروز عرف التنبيه والهداية))، (ص ١٨).
(٤) ((مصحف الدروز عرف الإنذار والحساب))، (ص ١٩ – ٢٥).
(٥) يشير إلى الآية الكريمة أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ * المجادلة: ٧ *.

<<  <  ج: ص:  >  >>