للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالحذر الحذر، أن يقول واحد منهم بأن مولانا جل ذكره: ابن العزيز، أو أبو علي، لأن مولانا سبحانه هو في كل عصر وزمان يظهر في صورة بشرية وصفة مرئية كيف يشاء حيث يشاء ... إلى أن يقول: وهو سبحانه لا تغيره الدهور ولا الأعوام ولا الشهور، وإنما يتغير عليكم بما فيه صلاح شأنكم، وهو تغيير الاسم والصفة لا غير، وأفعاله جل ذكره تظهر من القوة إلى الفعل كما يشاء (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ)، أي كل عصر في صورة لا يشغله شأن عن شأن.

وأما من قال واعتقد بأن مولانا جل ذكره، سلم قدرته ونقل عظمته إلى الأمير علي، أو أشار إليه بالمعنوية فقد أشرك بمولانا سبحانه، غيره وسبقه بالقول ... فمن منكم يعتقد هذا القول فليرجع عنه ويستقيل منه ويستغفر المولى جل ذكره ويقدس اسمه من ذلك ... ولا يجوز لأحد يشرك في عبادته ابنًا ولا أبًا، ولا يشير إلى حجاب يحتجب مولانا جل ذكره فيه إلا بعد أن يظهر مولانا جل ذكره أمره، ويجعل فيمن يشاء حكمته، فحينئذ لا مرد لقضائه ولا عاصيًا لحكمه في أرضه.

ويضيف قائلاً: والنور الشعشعاني التمام، ومعبود جميع الأنام، الصورة المرئية الظاهر لخلقه بالبشرية المعروف عند العالم بالحاكم.

وما أدراك ما حقيقة الحاكم؟ ولم تسمى بالحاكم في هذه الصورة؟ دون سائر الصور؟ ومولانا جل ذكره غير غائب عن ناسوته، فعله فعل ذلك المحجوب عنا في نطقه ذلك النطق، لا يغيب اللاهوت عن الناسوت إلا أنكم لا تستطيعون النظر إليه، ولا لكم قدرة بإحاطة حقيقته.

وأراد بالحاكم، أي يحكم على جميع النطقاء والأسس والأئمة والحجج ويستعبدهم تحت حكمه وسلطانه، وهي عبيد دولته ومماليك دعوته الحاكم بذاته ... وترك الاعتراض فيما يفعله مولانا جل ذكره، ولو طلب من أحدكم أن يقتل ولده لوجب عليه ذلك بلا إكراه قلب، لأن من فعل شيئًا وهو غير راض به لم يثب عليه، ومن رضي بأفعاله وسلم الأمر إليه، ولم يراء إمام زمانه، كان من الموحدين الذين لا خوف عليهم. واعلموا أن الشرك خفي المدخل، دقيق الستر والمسبل، وليس منكم أحد إلا وهو يشرك ولا يدري، ويكفر وهو يسري ويجحد وهو يزدري، وذلك قول القائل منكم: بأن مولانا سبحانه صاحب الزمان، أو إمام الزمان، أو ولي الله أو خليفته، أو ما شاكل ذلك من قولكم: الحاكم بأمر الله، أو سلام الله عليه، أو صلوات الله عليه) (١).وبالإِضافة إلى الرسالة – السابق ذكرها – (٢) (كتاب ما يظهر قدام مولانا من الهزل) هناك رسالة أخرى لحمزة هي (رسالة السيرة المستقيمة) يعطينا فيها حمزة المزيد من تأويلاته لأفعال الحاكم الغريبة، ومما يقوله:


(١) ((رسالة البلاغ والنهاية في التوحيد)).
(٢) وردت في فصل (الحاكم بأمر الله حياتة وآراؤه).

<<  <  ج: ص:  >  >>