للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى أن يقول ... : وكذلك اللام راجع إلى الألف، والألف الذي في (اللام) دليل على الإِمام، والألف الثاني دليل على التالي، واللام دليل على الناطق، إذ كان الناطق من التالي انبعث، ومنه كانت مادته، فالألف الثالث من (إلا) بمنزلة السابق، إذ هو بمنزلة رابع الحدود، دليل على الحجة والداعي والمؤذن، والألف الذي في اللام ليس له حد واحد تاليه، وكذلك الداعي يرجع إلى الإِمام لا غير، والناطق إلى التالي، والسابق بالحدود كلها. كذلك الألف الذي في (الله) واللامان المتصلان به بحد الناطق والتالي، والهاء التي هي ختامهم رتبت بمنزلة أسامة، فقال: (لا إله إلا الله) ألفا عن الكل المعنوية، وأشار إلى أسامة وألزمهم بأن يقولوا (محمد رسول الله) وهي ثلاث كلمات لأنه ثالث السابق، وهي ست قطع دليل على أنه سادس النطقاء. ثم أقام بعد الشهادتين، وبأساسه الصلاة في خمسة أوقات، وقد روى كثير من المسلمين عن الناطق (١) بأنه قال: ((من ترك صلاته ثلاثًا متعمدًا فقد كفر)) (٢) وقال: ((من ترك الصلاة ثلاثًا متعمدًا، فليمت على أي دين يشاء)) (٣).وقد رأينا كثيرًا من المسلمين يتركون الصلاة، ومنهم من لم يصل قط، ولم يقع عليه اسم الكفر، فعلمنا أنه بخلاف ما جاء في الخبر، وقد اجتمع كافة المسلمين بأن المصلي بالناس صلاته صلاة الجماعة فعله فعلهم وقراءته قراءتهم (٤)، حتى أنه لو سها في الفرض الذي لا تجوز الصلاة إلا به، كان عليه الإِعادة مثل ما عليهم. فإذا كان رجل مصل بالناس يقوم مقام أمته، وتكون صلاته مقام صلواتهم، فكيف مولانا سبحانه الذي لا يدخل في عدد التشبيه؟ وله سنين بكثرة ما صلى بناس ولا صلى على جنازة، ولا نحر في العيد الذي هو مقرون بالصلاة بقوله: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ [الكوثر:٢ - ٣] فصار فرضًا لازمًا، فلما تركه مولانا جل ذكره، علمنا بأنه قد نقض الحالتين جميعًا الصلاة والنحر، وأنه يهلك عدوه بغير هاتين الخصلتين، وأن لعبيده رخصة في تركهما، إذ كان إليه المنتهى ومنه الابتداء في جميع الأمور، فبان له نقضه، وقد بطل صلاة العيد وصلاة يوم الجمعة بالجامع الأزهر، وهو أول جامع بني في القاهرة (٥)، وكذلك أول ما بطل هو، فهذا ظاهر الصلاة ونقضها.


(١) المقصود النبي صلى الله عليه وسلم.
(٢) بهذا التحديد لم يرد، وورد بلفظ (من ترك الصلاة متعمدا فقد كفر جهارا) رواه الطبراني في الأوسط (٣٣٤٨) قال عنه الهيثمي في المجمع (١/ ٢٩٥) رجاله موثقون إلا محمد بن أبي داود فاني لم أجد من ترجمه وقد ذكر ابن حبان في الثقات محمد بن أبي داود البغدادي فلا أدري هو هذا أم لا، وأورده الألباني في الضعيفة (٢٥٠٨)
(٣) لم يرد حديث بهذا اللفظ
(٤) هذا تحريف وخلط، بل تكون قراءة الإِمام للقرآن بدلا منهم.
(٥) يقصد بالقاهرة القطعة التي بناها جوهر الصقلي عند فتحه لمصر، وأما أول جامع فهو مسجد عمرو بن العاص رضي الله عنه في الفسطاط.

<<  <  ج: ص:  >  >>