للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الشيوخ في الباطن: بأن الحرم هي الدعوة، وهو اثنا عشر ميلاً من كل جانب، وكذلك للدعوة اثنا عشر حجة، والبيت دليل على الناطق، والحجر دليل على الأساس، والطواف به سبعة هو الإِقرار به في سبعة أدوار، والوقوف بعرفات معرفتهم بعلم الناطق، ومنى ما كان يتمنى الراغب من الوصول إلى الناطق والأساس وحدودهما: وقد رأينا مولانا جل ذكره بطل الحج بإظهار محبة أبي بكر وعمر، وخمود ذكر علي بن أبي طالب، فعلمنا بأن الحج غير هذا الذي كانوا يعتقدون ظاهرًا وباطنًا، كما قال مولانا المنصور:

هلم أريك توقن أنه

هو البيت بيت الله لا ما توهمت

أبيت من الأحجار أعظم حرمة

أم المصطفى الهادي الذي نصب البيت

والبيت هو توحيد مولانا جل ذكره، موضع السكن والمأوى الذي يطلب المعبود فيه، كذلك الموحدون أولياء مولانا جل سكنت أرواحهم فيه، ورب البيت هو مولانا جل ذكره في كل عصر وزمان كما قال: فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ [قريش: ٣] يعني مولانا جل ذكره.

أما الجهاد وبه قام محمد وأظهر الإسلام، وجعله فرضًا على سائر المسلمين كافة، وقد رفعه مولانا جل ذكره عن سائر الذمة، إذ كانت الذمة لا تطلب إلا جبرًا، والمسلمون الجاحدون، والمؤمنون المشركون يقاتلونك في بيتك، وهم أذية لأهل التوحيد، وكل جهاد لا يجاهد فيه إمام الزمان فهو مسقوط عن الناس، وما قرئ في المجلس وألفه الشيوخ في كتبهم بأن الجهاد الباطن هو الجهاد للنواصب الحشوية الغاوية لهم، وقد منع مولانا جل ذكره عداوتهم والكلام معهم، فعلمنا بأنه قد نقض باطن الجهاد وظاهره، وأن الجهاد الحقيقي هو الطلبة والجهد في توحيد مولانا جل ذكره ومعرفته، ولا يشرك به أحد من سائر الحدود، والتبري من العدم المفقود.

قال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ [النساء: ٥٩]، قال أهل الظاهر وسائر المسلمين كافة بأن الولاية لأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وكانت في بني أمية، ثم إنها رجعت إلى بني العباس، وكل واحد منهم إذا جلس في الخلافة كانت ولايته واجبة على المسلمين كافة، وقد نقضها مولانا جل ذكره، وكتب لعنة الأولين والآخرين على كل باب، ونبشهم من قبورهم.

وأما باطن الولاية ومعرفة حقيقتها بإظهار محبة علي بن أبي طالب والبراءة من أعدائه، واستدلوا بقوله: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي [المائدة: ٣] يعني علم الباطن وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا [المائدة: ٣] يعني تسليم الأمر إلى علي بن أبي طالب وقد نقضها مولانا جل ذكره بقراءة السجل على رؤوس الأشهاد، فبان لنا بأن جل ذكره نقض باطن الولاية التي في علي بن أبي طالب وظاهرها. وأما الرتب الظاهرة والباطنة التي كانت للناطق والأساس، فقد جعلها مولانا جل ذكره لعبيده ومماليكه ... وكل ما يقال فيه من الأسماء مثل الإِمام وصاحب الزمان وأمير المؤمنين، ومولانا، كلها لعبيده وهو أعلى وأجل مما يقاس ويحد أو يوصف لكن بالمجاز لا بالحقيقة ضرورة لا إثباتًا، نقول: أمير المؤمنين جل ذكره من حيث جرت الرسوم والتراتيب على ألسنة الخاص والعام، ولو قلنا غير هذا لم يعرفوا لمن المعنى المراد، وتعمى قلوبهم عنه، وهو سبحانه ليس كمثله شيء وهو العلي (١) العظيم (٢).

وفي هذه الرسالة نجد ما يلي:


(١) هنا خلط بين آيتين كريمتين الأولى لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ * الشورى: ١١*، والثانية قوله تعالى لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ * الشورى: ٤ *.
(٢) رسالة (الكتاب المعروف بالنقض الخفي).

<<  <  ج: ص:  >  >>