للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- أو ما يقبل العرض. والحيز عنده: هو الجهة أو الناحية (١).

وعرف العرض بأنه:

- ما يقوم بالجوهر، أو ما يطرأ على الجواهر: كالألوان، والطعوم، والروائح، والعلوم، والإرادات الحادثة وأضدادها، والحياة والموت. أو ما يستحيل عليه البقاء؛ فلا يبقى وجوده (٢).ولما كانت الأعراض تشمل الأكوان، فقد عرض الجويني لمعنى الكون، فذكر أنه: "ما يشمل: الحركة، والسكون، والاجتماع، والافتراق" (٣).

وقد بني الجويني كلامه - في شرحه لدليل الأعراض - على مقدمتين:

الأولى: العالم حادث.

الثانية: كل حادث لابد له من محدث. وبدأ بالمقدمة الأولى: أعني مسألة حدوث العالم، ليتوصل من خلالها إلى إثبات الصانع. وذكر "أن القول في حدوث العالم ينبني على تقديم أصول، وشرح فصول، وإيضاح عبارات واصطلاحات بين المتكلمين، ولا نتوصل إلى أغراضهم إلا بعد الوقوف على مراميهم ومعاني كلامهم" (٤).

وقد استعان بآراء من كان قبله، دون الإشارة على أسمائهم، ذاكراً أن العالم عندهم له مفهومان:١ - أحدهما: كل موجود سوى الله تعالى؛ ونسبه إلى سلف الأمة (٥).٢ - الثاني: عبارة عن الجواهر والأعراض. ونسبه إلى خلف الأمة (٦).

أما طريقة في إثبات حدوث العالم: فهي مستنده إلى إثبات عدة أمور:

أ- إثبات الأعراض، وإثبات حدوثها.

ب- إثبات قيام الأعراض بالجواهر، وإثبات استحالة تخلي الجواهر عن الأعراض.

ج- إثبات امتناع حوادث لا أول لها.

د- ويترتب على هذه الأمور: إثبات أن ما لا يخلو عن الحوادث فهو حادث. وقد ذكر الجويني أن إثبات الأعراض، وإثبات قيام الأعراض بالجواهر: "من أهم الأغراض في إثبات حدوث العالم" (٧).

أولا: إثبات الأعراض:

ذكر الجويني أن العاقل إذا رأى جوهرا ساكناً، ثم رآه متحركا، يدرك التفرقة بين حالتي الحركة والسكون لهذا الجوهر."وتلك التفرقة لا تخلو: إما أن ترجع إلى ذات الجوهر. أو إلى معنى زائد على الجوهر؟ استحال أن يقال: ترجع التفرقة إلى ذات الجوهر؛ لأن الجوهر في الحالتين متحد، والشيء لا يخالف نفسه، فلا يقع الافتراق إلا بين ذاتين، فصح ووضح بذلك أن التفرقة راجعة إلى معنى زائد على الجوهر، وذلك هو العرض الذي ادعيناه" (٨).

ثانياً: إثبات حدوث الأعراض: ذكر الجويني "أنا نرى الأعراض المتضادة تتعاقب على محالها - الجواهر -، فنستيقن حدوث الطارئ منها، من حيث وجدت، ونعلم حدوث السابق منها من حيث عدمت" (٩).

فالجوهر يكون ساكناً، ثم تطرأ عليه الحركة؛ فحدوث الحركة مستيقن؛ لأنه طارئ.

وحدوث السكون معلوم بسبب انعدامه، ولو كان قديماً، لاستحال عدمه. والغرض من إثبات حدوث الأعراض (١٠):

- بيان استحالة قيام العرض بنفسه.

- بيان استحالة قيام العرض بالعرض.

- بيان استحالة انتقال العرض بل تنعدم.

- بيان استحالة انعدام القديم.


(١) انظر: ((لمع الأدلة)) للجويني (ص: ٨٧). و ((الإرشاد)) له (ص: ٤٠). و ((الشامل في أصول الدين)) له (ص: ٦٨).
(٢) انظر: ((لمع الأدلة)) للجويني (ص: ٨٧). و ((الإرشاد)) له (ص: ٤٠). و ((الشامل في أصول الدين)) له (ص: ٦٨).
(٣) ((الإرشاد)) للجويني (ص: ٤٠).
(٤) ((الشامل في أصول الدين)) للجويني (ص: ٣٤).
(٥) انظر: ((الشامل في أصول الدين)) للجويني (ص: ٣١). و ((لمع الأدلة في قواعد عقائد أهل السنة والجماعة)) له (ص: ٨٦).
(٦) انظر: ((الشامل في أصول الدين)) للجويني (ص: ٣١). و ((لمع الأدلة في قواعد عقائد أهل السنة والجماعة)) له (ص: ٨٦).
(٧) ((الإرشاد)) للجويني (ص: ٤١).
(٨) ((لمع الأدلة)) للجويني (ص: ٨٨). وانظر ((الإرشاد)) له (ص: ٤٠ - ٤١).
(٩) ((لمع الأدلة)) للجويني (ص: ٨٩)، وانظر ((الإرشاد)) له (ص: ٤١).
(١٠) انظر ((الإرشاد)) للجويني (ص: ٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>