للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث: اعتباره مضافاً إلى العبد مقيداً به، فما لزم الاسم لذاته وحقيقته كان ثابتاً للرب والعبد، وللرب منه ما يليق بكماله وللعبد منه ما يليق به. وهذا كاسم السميع الذي يلزمه إدراك المسموعات والبصير الذي يلزمه رؤية المبصرات والعليم والقدير وسائر الأسماء، فإن شرط صحة إطلاقها حصول معانيها وحقائقها للموصوف بها، فما لزم هذه الأسماء لذاتها فإثباته للرب تعالى لا محذور فيه بوجه، بل تثبتت له على وجه لا يماثله فيه خلقه ولا ياشبههم، فمن نفاه عنه لإطلاقه على المخلوق ألحد في أسمائه، وجحد صفات كماله. ومن أثبته له على وجه يماثل فيه خلقه فقد شبهه بخلقه، ومن شبه الله بخلقه فقد كفر ومن أثبته له على وجه لا يماثل فيه خلقه بل كما يليق بجلاله وعظمته قد برئ من فرث التشبيه ودم التعطيل وهذا طريق أهل السنة.

وما لزم الصفة لإضافتها إلى العبد وجب نفيه عن الله كما يلزم حياة العبد من النوم والسنة والحاجة إلى الغذاء ونحو ذلك ... وما لزم صفة من جهة اختصاصه تعالى بها، فإنه لا يثبت للمخلوق بوجه كعلمه الذي يلزمه القدم والوجوب والإحاطة بكل معلوم وقدرته وإرادته وسائر صفاته فإن ما يختص به منها لا يمكن إثباته للمخلوق" (١).

فإذا اتضحت هذه القاعدة علم خطأ الماتريدية في تعطيلهم لكثير من أسماء الله تعالى عما دلت عليه من المعاني، وعلم فساد تأويلهم لها الذي نجم عنه تشبيه مسبق.

فالحق والصواب الذي يجب أن يصار إليه، هو إثبات الأسماء الحسنى والصفات العلى لله تعالى حقيقة من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل.

المصدر:الماتريدية دراسة وتقويماً تصنيف أحمد بن عوض بن داخل اللهيبي الحربي - ص ٢١٩ - ٢٢٩

في مذهب الماتريدية في أسماء الله الحسنى - حق وباطلٌ.

فما كان عندهم من الحق الذي ينور القلوب - فقد أخذوه من الكتاب والسنة لاحتكاكهم بأهل السنة، وهذا من فضلهم، ومحاسنهم التي لا تنسى، ومساعيهم التي يشكرون عليها وبذلك نجوا من كثير من الإلحاد.

وما كان عندهم من الباطل الذي يظلم القلوب - فقد أخذوه من الجهمية الأولى لاحتكاكهم بهم فدخل عليهم شيء من إلحادهم وبدعهم وتعطيلهم الذي ظنوه حقاً. وخيل إليهم إنه مذهب أهل السنة.

فمذهبهم في الأسماء الحسنى على نوعين:

الأول: ما اشتمل على الحق:

فمن محاسنهم في هذا الباب وموافقتهم لأهل السنة ما يلي:

١ - إثبات جميع أسماء الله الحسنى له تعالى. لا نعلم لهم في ذلك خلافاً ولا استثناء. وبذلك فارقوا غلاة الجهمية، لأنهم لا يثبتون لله الأسماء (٢).

٢ - إثبات كثير من معاني أسماء الله تعالى. وبذلك فارقوا جهمية المعتزلة، لأنهم يثبتون الأسماء مجردةً عن المعاني (٣).٣ - أسماء الله تعالى توقيفية، فلا يجوز تسمية الله تعالى إلا بما ورد في الشرع (٤).


(١) ((بدائع الفوائد)) (١/ ١٦٥)، وانظر: ((الدرء)) (٣/ ٣٣٠ - ٣٣٣)، ((شرح الأصفهانية)) (ص ٤٤، ٧٧) ط مخلوف.
(٢) انظر ((التدمرية)) (ص ١٨٢ - ١٨٣) و ((ضمن مجموع الفتاوى)) (٣/ ٩٩ - ١٠٠).
(٣) انظر ((التدمرية)) (ص ١٨٢ - ١٨٣) و ((ضمن مجموع الفتاوى)) (٣/ ٩٩ - ١٠٠).
(٤) انظر ((كتاب التوحيد للماتريدي)) (ص ٣٨ - ٤٤)، و ((الدر اللقيط)) (٤/ ٤٢٨)، لتاج الدين أحمد بن عبد القادر الحنفي "٧٤٩هـ" ((شرح المواقف)) للجرجاني الحنفي الماتريدي (٨/ ٢١٠)، و ((نشر الطوالع)) (ص ٣٠٩) للمرعشي الماتريدي.

<<  <  ج: ص:  >  >>