للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الإمام حافظ الدين عبدالله النسفي (٧١٠ هـ) في بيان الإلحاد في أسمائه تعالى:"فيسموه بغير الأسماء الحسنى وذلك أن يسموه بما لا يجوز عليه، نحو أن يقولوا: يا سخي، يا رفيق، لأنه لم يسم نفسه بذلك، ومن الإلحاد تسميته بالجسم، والجوهر، والعقل، والعلة" (١).٤ - ٥ - أسماء الله تعالى كلها حسنى، وأنها ليست ألفاظاً مجردة: عن معانيها، بل تدل على معانٍ حسنة من التمجيد، والتقديس، والتعظيم (٢).فاسماؤه تعالى أحسن الأسماء وأجلها، لإنبائها عن أحسن المعاني وأشرفها ولدلالتها على صفات الكمال من الجلالة والجمال والإكرام (٣).

والثاني: ما اشتمل على باطل وإلحاد:

وأهم نماذج ذلك ما يلي:

١ - إن أسماء الله تعالى ليست أسماءً حقيقة لله تعالى. قال أبو منصور الماتريدي: "فيدلك أن الأسماء التي نسميه بها عبارات عما يقرب إلى الأفهام، لا أنها في الحقيقة أسماؤه" (٤).

٢ - الأسماء الحسنى غير مشتملةٍ على صفاتٍ مستقلةٍ بل هي متدرجة في صفة التكوين. قال العلامة أنور شاه الكشميري الديوبندي: "والأسماء الحسنى عند الأشاعرة عبارة عن الإضافات، وأما عند الماتريدية فكلها مندرجة في صفة التكوين" (٥).

٣ - أسماء الله الحسنى مخلوقةٌ عندهم: لأنها عبارة عن الألفاظ والحروف، وهي مخلوقة، ولذلك جعلوا أسماء الله تعالى الحسنى تسمياتٍ. فلما قالوا إنها تسمياتٌ - قالوا: إنها غير الله تعالى, إنها حروفٌ وألفاظٌ وإن الاسم الأزلي عين المسمى وهو الله لا غير (٦).كل هذا للتدرج إلى القول بأن أسماء الله تعالى مخلوقةٌ بعد قولهم: إنها غير الله؛ لأن كل ما هو غير الله فهو مخلوق (٧).

قلت: وهذا القول مبني على القول بخلق القرآن.

فالماتريدية وافقوا جهاراً دون إسرار الجهمية الأولى في بدعة القول بخلق الأسماء الحسنى كما وافقوهم في بدعة القول بخلق القرآن فهم جميعاً قائلون بخلق القرآن وبخلق الأسماء الحسنى.

غير أن الماتريدية كزملائهم الأشعرية انفردوا عن الجهمية الأولى ببدعة أخرى وهي بدعة الكلام النفسي.

ولنا عودة لبيان "هل الاسم عين المسمى أو غيره أو له" وما هو الصواب في ذلك وبيان أن فساد القول بخلق أسماء الله تعالى -

كفساد القول بخلق القرآن

وسلف هذه الأئمة وأئمة السنة قد كفروا القائلين بخلق الأسماء الحسنى كما كفروا القائلين بخلق القرآن. كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.٤ - تعطيل معاني بعض الأسماء الحسنى بأنواع من التأويلات، وهذا من أعظم الإلحاد فيها عقلاً، وشرعاً، ولغة، وفطرة (٨).

وفيما يلي بعض أمثلة هذا الإلحاد:

المثال الأول:

أن (العلي) من أسماء الله الحسنى، يدل دلالة حقيقية مطابقية قطعية على ذات الله المقدسة، وعلى صفته "العلو" على خلقه.


(١) ((مدارك التنزيل)) (١/ ٥٩١)، وانظر ((إرشاد العقل السليم لأبي السعود)) (٣/ ٢٩٦).
(٢) ((مدارك التنزيل) (١/ ٥٩١، ٢/ ٢٧٤)، وأنظر ((الدر اللقيط لتاج الدين الحنفي)) (٤/ ٤٢٩).
(٣) ((إرشاد العقل السليم)) لأبي السعود العمادي (٣/ ٢٩٦، ٥/ ٢٠٠).
(٤) ((كتاب التوحيد)) (ص ٩٣ - ٩٤).
(٥) ((فيض الباري)) (٤/ ٥١٧).
(٦) انظر ((كتاب التوحيد)) (ص ٦٥ - ٦٦)، و ((بدء الأمالي)) للأوشي الفرغاني مع شرحها ((ضوء المعالي)) للملا علي القاري)) ((ص ٢٦)، و ((نشر الطوالع)) (ص ٣٠٢ – ٣٠٣، ٣٠٦)، و ((روح المعاني)) (١/ ٥٣).
(٧) انظر ((مجموع الفتاوى)) (٦/ ١٨٥ - ١٨٦)، و ((شرح كتاب التوحيد في صحيح البخاري)) لشيخنا عبدالله بن محمد الغنيمان (ص ٢٢٤).
(٨) انظر ((بدائع الفوائد)) (١/ ١٦٩)، و ((مدارج السالكين)) (١/ ٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>