للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"ثم قول من قال من السلف: "هادي أهل السموات والأرض" لا يمنع أن يكون في نفسه نوراً؛ فإن من عادة السلف في تفسيرهم أن يذكروا بعض "صفات المفسر" من الأسماء أو بعض أنواعه، ولا ينافي ذلك ثبوت بقية الصفات للمسمى بل قد يكونان متلازمين".إلى آخر كلامه المهم القيم الذي يكشف الغمة عن كثير من المشكلات في فهم كلام السلف (١).

الحاصل: أن اسم الله تعالى: "الظاهر" يدل على علوه المطلق فنفيه إلحاد صريح وتعطيل قبيح.

المثلانِ: السادس والسابع:

أن "السميع" و"البصير" من أسماء الله الحسنى، يدلان على ذات الله تعالى وعلى صفتيه "السمع والبصر" الكاملين المطلقين دلالةً مطابقية حقيقية قطعية.

ولكن بعض الماتريدية عطل هاتين الصفتين: "السمع والبصر" وحرف نصوصهما بتأويلهما إلى صفة العلم. وهذا تعطيل صريح وإلحاد قبيح؛ لأن الإمام أبا حنيفة رحمه الله تعالى لقد صرح بأن تفسير صفة "اليد" بالقدرة أو النعمة إبطال لها وأنه قول المعطلة المعتزلة (٢).

فعلم أن إرجاع صفة إلى أخرى تعطيل وإلحاد بشهادة هذا الإمام وفي ذلك عبرة لهؤلاء الماتريدية.

المثال الثامن:

"النور" وسيأتي الحديث عنه في مبحث الصفات.

المثال التاسع:

"الحَيِىُ" عطلوا معناه فنفوا صفة "الحياة" لله تعالى كما سيأتي.

المثال العاشر:

"الإله" عطلوا معناه فحرفوا صفة "الألوهية" لله سبحانه وفسروها بالربوبية.

المثال الحادي عشر،، وهو أظهر من أن يشهر،، وأفظع الأمثلة ضراراً ودماراً،، وأشنعها وأبشعها عاراً وشناراً،،

وهو إلحاد في اسم "الله" الأعظم؛ فقد صرحوا بأن مفهوم اسم الجلالة "الله" نفس الذات بدون اعتبار الصفة (٣).

قلت: هذا إلحاد صريح واضح،، وتعطيل قبيح فاضح،،؛لأن اسم الجلالة "الله" اسم الله الأعظم الحسن الدال على جميع الأسماء الحسنى،، والصفات الكمالية العليا،، (٤).

ولأن الأسماء الحسنى،، ليست حسنى،، إلا لأجل دلالتها على المعاني الحسنى،، وهي صفات الله العليا،، حتى باعتراف الماتريدية.

الحاصل: أن الأسماء الحسنى عند الماتريدية بعضها لا يدل إلا على نفس الذات،، وبعضها يدل على الصفات،، وبعضها يدل على السلوب والإضافات.

المصدر:الماتريدية وموقفهم من توحيد الأسماء والصفات للشمس السلفي الأفغاني ٢/ ٤٠٤

ومن أهم المسائل المتعلقة بباب (الأسماء)، عند الماتريدية، مسألة الاسم والمسمى، والتي لا يكاد كتاب من كتب العقائد عندهم يخلو من بحثها، بل تكاد تكون هي المسألة الوحيدة المطروقة في الباب في كثير من كتبهم.

ذهبت الماتريدية في هذه المسألة إلى القول بأن الاسم هو المسمى. واحتجوا بقوله تعالى: تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ [الرحمن: ٧٨]، قوله: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى [الأعلى: ١]، وقوله: إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ [الزمر: ٢] ونحو ذلك من النصوص. وغاية شبهتهم في هذه القضية: أن الله هو الخالق وما سواه مخلوق فلو كانت أسماؤه غيره لكانت مخلوقه، وللزم أن لا يكون له اسم في الأزل ولا صفة (٥).


(١) ((مجموع الفتاوى)) (٦/ ٣٩٠ - ٣٩١)، وانظر ((شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري)) لشيخنا عبدالله بن محمد الغنيمان (ص ١٥٧).
(٢) ((الفقه الأكبر بشرح القاري)) (ص ٥٩).
(٣) راجع ((إشارات المرام)) لقاضي عساكرهم (ص ١١٤) و ((نظم الفرائد)) (ص ٢١).
(٤) انظر ((مدارج السالكين)) (١/ ٣٨، ٣٩، ٤١).
(٥) انظر: ((التأويلات)) (ل ٣)، الظاهرية، ((التوحيد)) (ص ٦٦)، ((شرح الفقه الأكبر))، للقاري: (ص ١٥)، ((حاشية جامع المتون)) (ص ٤، ٥)، ((نظم الفوائد)) (ل ١٧)، و ((المطبوع)) (ص ٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>